الإجهاض عند الحيوانات
والوقاية منه
1- المقدمة
إن مدة الحمل عند الحيوانات الأهلية تختلف من نوع لآخر. فالفرس تستمر فترة الحمل عندها وسطياً 340 يوماً، وأما البقرة 280 يوم، الأغنام 150 يوماً، وأما الخنازير 120 يوماً... وخلافاً لهذه المدة لا يحدث إلا نادراً وفي هذه الحالة فإن المولود يلد بشكل طبيعي ونمو وحيوية جيدة.
إن السير الطبيعي للحمل من الممكن أن يضطرب وذلك تحت تأثير الشروط الخارجية والبيئية الغير جيدة (طبيعية) أو لأسباب موجودة في جسم الحيوان الحامل نفسه، كما وأن انقطاع (إيقاف) الحمل المفاجئ لأسباب مختلفة يؤدي إلى موت الجنين في الرحم أو موته بعد طرحه خارج الرحم وهذا ما يسمى بالإجهاض.
الإجهاضات عند الحيوانات الأهلية تسبب خسائر اقتصادية كبيرة وعقبة في تطوير الإنتاج الحيواني، عدا عن الخسائر الناتجة عن عدم وجود المواليد وإنتاج الحليب، بالإضافة إلى ذلك فإنها تسبب أمراضاً في الجهاز التناسلي وتسبب عقم دائم وأحياناً موت البقرة الأم.
عندما تظهر الإجهاضات بشكل واسع وبأعداد كبيرة تسبب الأضرار المادية والاقتصادية الملموسة وفي هذه الحالة فإنه يجب التقصي الفوري عن الأسباب التي أدت إلى ذلك.
إن نسبة الإجهاضات قد انخفضت في السنوات الأخيرة وذلك بفضل أو نتيجة لتحسين التغذية والعناية الجيدة والاستخدام السليم للحيوانات التي تجهض سنوياً مازال مرتفعاً.
مما تقدم تبين لنا وبشكل قاطع ما هي الخسائر التي تحدثها الإجهاضات والعقبات التي تحول دون تطوير الإنتاج الحيواني، لهذا فإنه يتوجب على الأطباء البيطريين والاختصاصيين في المجال التربوي وحتى المربين أيضاً أن يبذلوا قصارى جهدهم لتقديم العناية الكافية للحيوان الحامل.
إن أسباب الإجهاضات عند الحيوانات الأهلية متعددة ومختلفة، ففي بعض الحالات يكون سببها الأمراض السارية وفي حالات أخرى تكون مرتبطة بأسباب مرضية غير سارية.
وبالنتيجة فإن الإجهاضات يمكن تقسيمها إلى مجموعتين رئيسيتين:
1- إجهاضات نتيجة مسببات مرضية سارية.
2- إجهاضات نتيجة مسببات مرضية غير سارية.
ويتبع المجموعة الثانية الإجهاضات التي تفتقد لمسببات مرضية سارية مثل أمراض الجهاز التناسلي، الصدمات، الوقوع، الاستخدام الغير صحيح للحيوان الحامل وخاصةً العمل المتعب، ترك الحيوان الحامل في العراء وخاصة في أيام البرد القارس والمطر، وضع الحيوان في مكان غير نظيف وذو رطوبة عالية أو في إسطبلات غير صحية، تقديم الأعلاف المعفنة وذات القيمة الغذائية المنخفضة، التغذية القليلة، عدم وجود الأملاح المعدنية والفيتامينات الضرورية في العليقة.. إلخ.
لكن العدد الأكبر من الإجهاضات تعود إلى اشتراك المسببات المرضية السارية المختلفة أو وجود بعض الأمراض السارية نفسها. وهنا يمكن ذكر الإجهاضات المتسببة من الأنفلونزا عند الخيول، البروسيلا عند الخنازير والأبقار، الإجهاض الفيروسي والباراتيف عند الأفراس، الإجهاض الغيبريوزي عند الأبقار والأغنام، الإجهاض الليستيريوزي والسالمونيلي عند الأغنام، الليبتو سبيروزي والترايكوموناس عند الأبقار وغيرها.. وحسب شروط وطبيعة المسبب المرضي الساري فإن هذه الإجهاضات يمكن أن تظهر أما في حالات فردية أو بأعداد كبيرة ويمكن أن تصل إلى نسبة عالية في قطيع الحيوانات الحوامل في محطة ما أو في منطقة أو محافظة وهذه النسبة قد تصل من 50- 60% أحياناً وذلك إذا لم تتخذ الاحتياطات اللازمة والوقاية الكافية.
ومن أجل الاتجاه الصحيح للوقاية ومكافحة الإجهاضات عند الحيوانات سنتعرض لكل مجموعة على حدة وذلك حسب المسببات الرئيسية لذلك.
2- الإجهاضات نتيجة الأخطاء في التغذية
حسب الدراسات والمشاهدات الحقلية تبين أن هناك علاقة واضحة بين الإجهاضات (نتيجة المسببات المرضية الغير سارية) من جهة وبين نوعية العلف وتربية الحيوان من جهة أخرى فقد وجد بأنه عند كافة الإجهاضات نتيجة الأخطاء في التربية والتغذية وعدم الاهتمام بالحيوان يحدث عن ذلك اضطرابات استقلابية للمواد الغذائية، هذه الاضطرابات التي تؤدي بدورها إلى خلل في الحالة الفيزيولوجية للحيوان الحامل ومن هنا حدوث الإجهاض.
وأكبر دليل على ذلك أن الإجهاضات المتعددة والمتكررة تزداد وتلاحظ في فصل الخريف وخاصة عند انتقال الحيوانات من المراعي إلى الإسطبلات وكذلك في نهاية فصل الشتاء عندما تكون كميات العلف قليلة، وهذا النوع من الإجهاضات يلاحظ في سنوات الجفاف والعكس صحيح خلال الأعوام الغنية والممطرة فإن مثل هذه الإجهاضات تحدث قليلاً وخاصةً في بداية الربيع عند إخراج الحيوانات إلى المراعي وأحياناً قد لا يشاهد ولا حالة إجهاض وهذه الحقيقة تلاحظ ليس فقط عند الإجهاضات الغير سارية وإنما أيضاً عند الإجهاضات التي سببها جراثيم غير مرضية وأحياناً عند بعض الالتهابات الحادة كالأنفلونزا والإجهاض الفيروسي عند الأفراس وغيرها.
مما سبق تبين أن الدور المهيء والعامل الرئيسي في ظهور الإجهاضات هو التغذية الغير صحيحة.
إن الحيوانات الحوامل تحتاج إلى مواد غذائية أساسية للحفاظ على الحياة وكذلك الإنتاج بالإضافة إلى حاجة الجنين من المواد الغذائية من أجل نموه، ومع تقدم الحمل (وخاصة في الثلث الأخير) ومع نمو الجنين فإن هذه الحاجة من المواد الغذائية تزداد تدريجياً.
إن الحيوان الحامل يجب أن يحصل على الكمية الضرورية وبنسبة كافية من جميع المواد الغذائية (بروتين، النشويات، الأملاح المعدنية النادرة وغير النادرة، الفيتامينات) والتي يحتاجها الحيوان الحامل نفسه وكذلك جنينه الموجود داخل الرحم وذلك لنموه بشكل طبيعي.
خلال فترة حمل الحيوان إذا حصل على عليقة قليلة، ومن نوع واحد، وتحتوي على مواد أساسية منخفضة فإنه سيحدث اضطراب في نمو الجنين الطبيعي، وأما جسم الحيوان الحامل نفسه فتضعف مقاومته للمؤثرات الخارجية وهذا بدوره يهيء الظروف الملائمة لنمو وتكاثر الجراثيم المتنوعة المرضية وغير المرضية والتي بدورها يمكن أن تكون سبباً للإجهاضات.
هذه الأخطاء في التغذية يمكن بحد ذاتها أحياناً أن تسبب الإجهاضات وذلك بدون اشتراك الالتهابات وبالتالي فإن الأسباب المهمة لظهور الإجهاضات في أكثر الحالات تكون التغذية.
هذا وقد أثبتت التجارب أن الإجهاضات يمكن مشاهدتها في أكثر الأحيان في المحطات والمنشآت التي تكون فيها التغذية قليلة وغير كافية سواء من ناحية الكمية أو القيمة الغذائية والعكس صحيح ففي حال تحسين العليقة وتقديم الأعلاف ذات القيمة الغذائية فإن الإجهاضات تقل بسرعة أو انها تنعدم.
وفي أكثر الحالات تظهر الإجهاضات عندما لا تعطى الحيوانات الكمية الكافية من الأعلاف المركزة (الشعير، الذرة، النخالة وغيرها) لتأمين المواد الضرورية من البروتينات والتي تعتبر المادة الأساسية لنمو الجنين.
إن إدارة كثير من المنشآت والمحطات ومربي الأغنام وحتى مربي الأبقار يؤيدون عدم إعطاء العلف المركز أثناء الحمل عند الأغنام وإعطائه بعد الولادة لكن هذا اعتقاد خاطئ وعمل لا يجوز التساهل به فيجب أن تقدم العليقة المركزة للأغنام أثناء الحمل حتى تتمكن من متابعة نموها وإعطاء أكبر كمية من الحليب.
لقد أظهرت التجارب أن الأغنام التي قدم لها علف جيد وذو قيمة غذائية عالية خلال فترة الحمل يمكننا من الحصول على إنتاج عال من الحليب وبالإضافة إلى هذا فإن تقديم العلف المركز يحمي الحيوانات من الإجهاضات.
بالإضافة إلى المواد الأساسية لبناء الجسم _البروتينات- فإن الفيتامينات A, E, D, B, C لها أهمية كبرى لنمو الجنين والسير الطبيعي للحمل، وكذلك الأملاح المعدنية Ca, P, K, Mg ففي حال نقص هذه المواد في العليقة يحدث خلل في استقلاب المواد البروتينية، الأملاح المعدنية، الفيتامينات والنشويات في جسم الأم الحامل مما يؤثر تأثيراً كبيراً على نمو الجنين وبالتالي تكون سبباً في حدوث الإجهاضات.
في كثير من حالات الإجهاضات وجد أن تغذية الحيوانات والمواد العلفية كانت فقيرة إما إلى الفوسفور والكالسيوم Ca, P (وأحياناً النسبة بين Ca: P كان يوجد فيها خلل) أو إلى الفيتامينات.
في مثل هذه الحالات فإن إضافة المواد التالية إلى العليقة (طحين العظام، النخالة، الجزر، زيت السمك ومصادر فيتامينية وأملاح معدنية أخرى) يمكن أن تؤدي إلى التحسن السريع والتقليل وحتى في أكثر الأحيان إيقاف الإجهاضات.
ومن المعروف أن هناك إجهاضات كثيرة عند الخنازير والتي سببها فقط هو انعدام فيتامينA.
تجب الإشارة إلى أن التغذية الجيدة تزيد من مقاومة ومناعة الجسم عند الحيوان الحامل وكذلك بالنسبة إلى بعض الالتهابات الحادة (الأنفلونزا، الفيبريوزا وغيرها) التي تسبب الإجهاضات.
ومن جهة أخرى فإن أكثر الباحثين قد أثبتوا وبرهنوا على أن المسببات المرضية السارية تسبب الإجهاضات فقط على أساس وجود خلل فيزيولوجي في جسم الحيوان الحامل، لهذا فإن المسببات المرضية السارية عند الإجهاضات ينظر إليها كجراثيم مرضية شرطياً، وكسبب هام ومهيء هو الأخطاء في التغذية مما يؤدي إلى خلل في استقلاب المواد الغذائية ومن هنا حدوث خلل في تنظيم الهرمونات في جسم الحيوان الحامل.
فقد أثبتت التجارب على أنه في حال فقدان الجسم لمادتي Ca, P وبعض الأملاح المعدنية الأخرى والفيتامينات فإن حدوث الإجهاض بواسطة حقن أي مسبب مرضي يتحقق بسهولة وبسرعة.
والعكس صحيح عند التغذية الجيدة وتأمين حاجات الجسم من الكميات الضرورية من الأملاح المعدنية والفيتامينات فإن حقن مثل هذه المسببات المرضية من الصعوبة أحياناً إحداث الإجهاضات.
ولهذا عند تغذية الحيوانات الحوامل يجب أن نعير انتباه خاص وكبير لتأمين الكميات الضرورية من الفيتامينات وخاصة A, E والأملاح المعدنية وخاصة الفوسفور والكالسيوم ومثل هذه المواد بإمكان الحيوانات أن تحصل عليها وبكميات كافية عندما يؤمن لها المواد العلفية الجيدة والمتنوعة والمخزنة بشكل جيد.
وللوقاية من الإجهاضات يجب تأمين العلف الجيد والكامل من الناحية الغذائية وبكميات كافية وأن يقدم لها العلف الذي يحتوي على الفيتامينات والأملاح الضرورية وخاصة في نهاية فصل الشتاء وبداية فصل الربيع حيث يلاحظ أن المخزون الاحتياطي من المواد الغذائية في جسم الحيوان الحامل قد اقترب من نهايته، هذا وان حاجة الحيوان الحامل في الفترة الأخيرة من الحمل تزداد بالنسبة للمواد الأساسية لنمو الجنين والحفاظ على جسم الحيوان الحامل.
لتأمين متطلبات الحيوان الحامل من الفيتامينات والأملاح المعدنية الضرورية في حال عدم إمكانية الحصول عليها بواسطة الأعلاف التي تقدم له فإنه يجب إضافتها إلى العليقة وخاصةً في فصل الشتاء والنصف الثاني من فترة الحمل.
هناك عدد كبير من الإجهاضات يكون سببها التسمم نتيجة تقديم العلف الفاسد للحيوان الحامل ومن أخطرها: التبن المعفن، الدريس المعفن، عرانيس الذرة المعفنة، السيلاج ذو الحموضة العالية، الشوندر المعفن، العلف المركز المعفن أيضاً...
ويمكن أيضاً حدوث الإجهاضات عند إخراج الحيوانات الحوامل إلى المراعي في أيام الشتاء الباردة أو الأيام الأولى من الربيع وخاصةً عندما تكون الأعشاب مغطاة بالجليد أو عندما تسقى الحيوانات مياه باردة أو أن يقدم لها علف مجلد أو أي علف فاسد: كالشوندر، السيلاج وغيره.
3- الإجهاضات نتيجة سوء الشروط الصحية
إن أمكنة الإيواء والشروط الصحية الموضوعة فيها الحيوانات الحوامل وكذلك طريقة تربيتها لها أهمية كبيرة من أجل السير الطبيعي للحمل والولادة.
يجب أن توضع الحيوانات في إسطبلات جافة، مضيئة، واسعة.
وتتوفر فيها كافة الشروط الصحية ويمكن تهويتها لسهولة وتنظيفها دورياً من الروث والفرشة الوسخة، وأرضية الإسطبل يجب أن تكون ملساء وبدون تعرجات وأن تكون مفروشة بطبقة من القش.
فإذا وضعت الحيوانات في إسطبل مجمعة وبشكل مكثف وفي أمكنة وسخة وغير صحية ولا تتوفر فيها التهوية والإضاءة الجيدة ورطبة فإنه سيحدث خلل في العمليات الاستقلابية لجسم هذه الحيوانات ومن هنا تضعف مقاومة جسمها وتصبح مهيأة ومعرضة للأمراض ونتيجة لهذا من الممكن حدوث الإجهاضات بسهولة.
مما سبق تبين مدى تأثير الشروط الصحية الغير مناسبة في إحداث الإجهاضات تحدث الإجهاضات أحياناً بدون تدخل أية التهابات فإذا تركت الحيوانات في العراء وفي الأيام الماطرة تحدث لديها الإجهاضات فمثلاً تحدث الإجهاضات عند الأغنام في الأيام الباردة وأحياناً عند تغطيسها بالماء في الخريف والشتاء.
4- الإجهاضات نتيجة الصدمات
تحدث الإجهاضات نتيجة الصدمات أحياناً خلال النصف الثاني من الحمل وتشاهد أكثر عند الأفراس التي تستخدم للعمل الثقيل- مثل جر الحمولة الثقيلة، استخدامه في فلاحة الأرض- وإن حالات الإجهاض بسبب الصدمات والضرب في منطقة البطن للحيوان الحامل ليست قليلة ومثل هذه الضربات يمكن أن تحدث أحياناً من قبل العاملين في المحطة نتيجة الغضب أو النرفزة عندهم، ويمكن أن يحدث أيضاً نتيجة استخدام الحيوانات للعمل (وخاصةً الأفراس).
هذا وتحدث الإجهاضات نتيجة الوقوع والتزحلق في الأيام الباردة بسبب الجليد وذلك عند سير الحيوانات في طريق وعرة ومجلدة ويمكن أن تحدث أيضاً بين الحيوانات أنفسهم في حالات الاصطدام في الإسطبلات عند التربية الحرة في حالات الرفس. إن مثل هذه الإجهاضات تحدث في الأشهر الأخيرة من الحمل وذلك بعد 10- 12 ساعة من وقوعها.
5- الإجهاضات نتيجة مرض الحيوان الحامل
في حالات عديدة تحدث الإجهاضات نتيجة بعض الأمراض الغير سارية وخاصةً أمراض الرحم، الكبد، الإسهالات الشديدة، انتفاخ الكرش، المغص الشديد، عدا هذه الأمراض هناك إجهاضات يكون سببها أيضاً الأمراض السارية وأحياناً الطفيلية، مثل هذه الأمراض تكون نسبة الإجهاضات الناتجة عنها في القطيع عالية عند الحيوانات الأهلية.
فعند الأفراس: الإجهاضات في أكثر الحالات يكون سببها من الأنفلونزا
- مسببات الإجهاض الفيروسي (والتي كثيراً من الباحثين ينظرون اليها كمرض الأنفلونزا)، باراتيف يلاحظ أيضاً إجهاضات في حالات مرض نقص الهيموغلوبين الساري، البيروبلاكوزا.
عند الأغنام: من الباراتيف، اليستيريوزا، الانتروتوكسيما، الجدري، ديدان الكبد، الليبتوسبيروزا وغيرها.
عند الأبقار: من الترايكوموناس، البروسيلا، الحمى القلاعية وغيرها.
عند الخنازير: من البروسيلا والليبتوسبيروزا.
ويلاحظ أن الأضرار الناتجة عن مرض الترايكوموناس والبروسيلا تكون نسبتها عالية عند الأبقار والخنازير وعالية أيضاً عند الأفراس بسبب مرض الأنفلونزا.
إلى هنا نكون قد استعرضنا الأسباب الرئيسية في حدوث الإجهاضات عند الحيوانات ويضاف إليها أسباب أخرى تأتي بالدرجة الثانية من حيث أهميتها وتسبب إجهاضات ولكن بنسبة قليلة منها عدم نمو الجهاز التناسلي عند الحيوان الحامل بشكل جيد، التصاق الرحم بالأنسجة المحيطية، أمراض المبايض وغيرها.
إلى جانب الأسباب التي مر ذكرها وخاصة فيما يتعلق بالتغذية والشروط الصحية المحيطة بالحيوان الحامل ويجب الإشارة هنا بأن أكثر من عامل مسبب يمكن أن يجتمع سوية ويسبب الإجهاض.
6- الأعراض السريرية وسير الإجهاض
إن الأعراض السريرية لظهور الإجهاضات كثيرة ومتنوعة ومرتبطة بالأسباب التي تحدث الإجهاضات وكذلك هل الإجهاض في النصف الأول من الحمل أم النصف الثاني منه؟
الإجهاضات التي تحدث نتيجة لمسببات الأمراض الغير سارية- مثل عدم التغذية الصحيحة- سوء الأحوال الصحية، العمل المتعب، الصدمات والبرد، الأعراض المرضية تسير بدون الارتفاع الحرارة وفي أكثر الأحيان لا تلاحظ أية أعراض من 1-2 يوم قبل قذف أو طرح الجنين. الحيوان الحامل يلاحظ عليه ضعف في الشهية، ويستلقي على الأرض بحيث من الصعوبة عليه أحياناً القيام.
عند الإجهاضات بسبب الأمراض السارية تظهر عليها الأعراض المرضية حسب أعراض كل مرض ساري فمثلاً مرض الأنفلونزا عند الأفراس: درجة الحرارة ترتفع بسرعة وتصل حتى 40- 41 درجة مئوية، سرعة التنفس، حب النون، فقدان الشهية، تضخم في الأجفان، سيلان الدموع، إمساك والذي يصبح بعد ذلك إسهال شديد.
الإجهاض الفيروسي عند الأفراس يسبقه (يومين أو ثلاثة) ارتفاع في الحرارة عندما يكون الإجهاض في النصف الأول من الحمل فإن الجنين يطرح بسهولة من الأغشية المحيطة به وبدون أعراض سريرية ظاهرة ورغم ذلك فإنه أحياناً يبقى الجنين الميت في الرحم ويمتص من قبل جسم الحيوان نفسه، مثل هذه الإجهاضات تسمى (المخفية) لأنها تبقى غير ظاهرة ولايكون هناك أية علائم أو أعراض ولاتلاحظ من قبل المربي ومن جديد تظهر دورة الشبق الغير منتظرة.
إن الأجهاضات المخفية تلاحظ عند الأغنام أكثر منها عند الحيوانات الأخرى وخاصةً في أشهر تشرين أول وتشرين ثاني، وكثيراً ما يلاحظ الرعاة بعد مرور من 2 إلى 3 أشهر من تلقيح الأغنام ظهور علائم الشبق من جديد عليها.
في الحالات الأخرى فإن بقاء الجنين الميت في الرحم يصبح طري ويتفسخ ويتقطع ويطرح بين الحين والآخر على شكل قطع صغيرة أو أنه يتحول إلى قيح على شكل سوائل قيحية ذات روائح كريهة جداً، في مثل هذه الحالات فإن الحيوان الذي أجهض تظهر عليه علائم الحالة العامة السيئة، فقدان الشهية، ارتفاع الحرارة والضعف العام.
وفي كثير من الحالات يجف الجنين في الرحم ويصبح قاسي الملمس ويبقى لفترة طويلة في الرحم وان وجوده في الرحم بهذا الشكل يمنع من ظهور دورة الشبق من جديد والحيوان لا تظهر عليه أية علائم مرضية وتسمى هذه الحالة بالجنين المحنط. وعندما تتم الإجهاضات في النصف الثاني من الحمل فإن الأعراض المرضية تكون ظاهرة وسيرها خطير ويمكن أن تهدد حياة الحيوان الحامل في مثل هذه الحالات تشاهد علائم مشابهة لعلائم الولادة- عدم الهدوء القلق، الاستلقاء على الأرض، النهوض عن الأرض، أوجاع المخاض، تضخم الضرع، كمية الحليب تقل عند الحلابة وتشبه اللبأ (الحليب بعد الولادة مباشرة)...
وهنا يجب أن نعلم أن الجهاز التناسلي لا يكون جاهزاً كما لو كان فعلاً ولادة طبيعية، وفي كثير من الحالات تجد الحيوان مريضاً أو أن حالته العامة سيئة وقوته قد ضعفت نتيجة الآلام، وإن طرح الجنين أحياناً يتم بصعوبة أو أنه لا يمكن طرحه وكثيراً ما تبقى المشيمة فيما حتى ولو طرح الجنين مما يسبب تعقيدات مختلفة بالنسبة لصحة الحيوان الأم وأحياناً يؤدي بحياتها أو يسبب عقم دائم ومستمر.