خصوبة التربة Soils fertilizers
بتصرف عن نشرة زراعية للمهندس الزراعي
محي الدين طه
ماجستير في علوم الأراضي
التربة هي الطبقة السطحية من الأرض الناتجة عن تفتت الصخور عبر ملايين السنين إلى حبيبات بفعل الأمطار واختلاف درجات الحرارة، وهذه الحبيبات الصغيرة الناتجة عن عملية التففت تختلط مع المواد العضوية المتحللة بفعل كائنات حية صغيرة في التربة كالبكتيريا ليكون هذا المزيج طبقة التربة السطحية الزراعية والتي تكون صالحة ومناسبة لنمو جذور النباتات النامية فيها.
وتختلف الأراضي الزراعية عن بعضها ويعود هذا الاختلاف لمنشأ هذه الأراضي فبعضها ينشأ من تفتت صخور بركانية أو كلسية أو رملية أو جبسية، كما يمكن تقسيم الأراضي إلى نوعين:
تربة محلية: تنشأ عن تفتت نوع أو أكثر من الصخور.
تربة منقولة : تنشأ من ترسيب الحبيبات التي تحملها مياه الأنهار.
والأراضي المزروعة لها أحوال ثلاثة من الخصوبة:
أراضي جيدة خصبة تعطي إنتاجاً عالياً بزراعتها ويجب المحافظة على خصوبتها وعدم تدهورها لضمان استمرار إنتاجها العالي.
أراضي خصبة مهملة تزرع وتعتبر ذات تربة سليمة تنقصها الخدمة الزراعية الصحيحة لتعطي الإنتاج العالي ومثل هذه الأراضي لايلزمها إلا الفلاح الماهر والتوجيه العلمي الصحيح والخدمة الزراعية السليمة.
أراضي زراعية متدهورة وغير سليمة أي ان فيها عيوب في صفاتها الطبيعية أو الكيميائية كأن تكون ملحية أو معدومة الصرف أو بها طبقات كتيمة (صماء) وغير ذلك من العيوب ومثل هذه الأراضي يعوزها الفحص والدراسة لتشخيص عيوبها والعمل على استصلاحها لرفع إنتاجها.
فبين المزروعات والتربة علاقة كبيرة وإن نجاح الزراعة يتوقف غالباًَ على خصب التربة وصلاحها لنمو الجذور وتغذية النبات، وهذا مايجعل المزارعين يعلقون أهمية كبرى على دراسة وتصنيف الأراضي لمعرفة نوع المزورعات التي توافقها وتنجح بها.
وتختلف الأراضي أيضاً في ملمسها عند فركها بين الأصابع لأن الحبيبات المكونة لها مختلفة الأحجام ، فإذا كانت نسبة الحبيبات ناعمة بها عالية تسمى تربة طينية ، أما إذا كانت نسبة الحبيبات متوسطة الحجم تقارب نسبة الحبيبات الناعمة وتقارب نسبة الحبيبات الخشنة فيها فإننا نسميه تربة لومية.
التربة الطينية
تبلغ نسبة الحبيبات الناعمة فيها بحدود 50% أو أكثر ، نفاذيتها للماء بطيئة نوعاً ما، ولكنها تحتفظ بالمياه بنسبة عالية، وهي تربة خصبة ذات مخزون عالي من العناصر المغذية اللازمة لنمو النباتات، تتواجد مسام طبقية بين حبيباتها تكون مملوءة بالماء والهواء اللازمين لحياة النباتات.
وتتميز غالبية الأراضي الطينية بأنها:
شديدة التماسك عند الجفاف وتظهر بها شقوق غائرة وتعتبر هذه علامة من علامات الخصوبة أما عند امتلائها بالماء فتصبح الأتربة لزجة.
كما أنها تحتفظ نوعاً ما بالأسمدة الكيماوية المضافة لها.
وقد تكون حبيباتها المفردة متجمعة بشكل حبيبات مركبة وهذا يعطيها بناء حبيبي صعبة الخدمة.
التربة الرملية
تبلغ نسبة الحبيبات الخشنة بها بحدود 50% أو أكثر.
نفاذيتها للماء عالية.
تمتاز بقلة احتفاظها بالماء.
تهويتها جيدة.
غالباً تكون فقيرة بالعناصر المغذية التي يحتاجها النبات.
لاتستطيع الاحتفاظ بالأسمدة الكيماوية المضافة لها.
حبيباتها مفردة وبناؤها مفكك وهذا ما يجعلها عرضة للانجراف بالرياح.
سهلة الخدمة إلا أن أقنية الري بها تتعرض للانهيار.
التربة اللومية
تحتوي على نسب متساوية من الحبيبات الخشنة والناعمة والمتوسطة.
تهويتها جيدة
احتفاظها بالماء معتدل.
نفاذيتها للماء المتوسطة
خصوبتها أقل من خصوبة الأراضي الطينية.
لاتظهر بها تشققات عند الجفاف
سهلة الخدمة نوعاً ما
تحتفظ نوعاً ما بالأسمدة الكيماوية المضافة لها.
خصوبة الأراضي
ليس من السهل تعريف خصوبة التربة، فهي مفهوم معقد لأنها مرتبطة بعوامل عديدة منها عوامل خارجية ومنها عوامل داخلية.
العوامل الخارجية المحددة لخصوبة التربة
كمية الأمطار السنوية والحرارة والرطوبة الجوية تؤثر على خصوبة التربة لأنها تسمح للصفات الكامنة في التربة في أن تظهر فالتفاعلات الكيميائية والبيولوجية تنشط في بيئة رطبة وحارة وينتج عنها زيادة في المواد الغذائية الموضوعة تحت تصرف النباتات، وإن من أهم العوامل الخارجية:
1- درجة الحرارة: إن انخفاض درجة الحرارة انخفاضاً شديداً في المناطق الجبلية يعطل نشاط الكائنات الحية في التربة حيث يبطئ تحول الأوراق وبقايا النباتات فتتراكم فوق سطح التربة مكونة طبقة سميكة من الدبال غير المتحلل.
وبالعكس ففي المناطق ذات درجة حرارة متوسطة على مدار السنة فإن تحول المواد العضوية يكون سريعاً نظراً لنشاط الكائنات الحية وينتج عنها نوع من الدبال الذي يختلط مع عناصر التربة ويحسن من صفات التربة الفيزيائية والكيميائية وبالتالي يحسن من شروط التغذية المائية والمعدنية في النباتات.
2- كمية الأمطار: إن كمية الأمطار السنوية التي تهطل في منطقة ما لها أهمية كبرى في إظهار خصوبة التربة ففي المناطق الجافة لاتظهر خصوبة التربة إلا بعد ريها بالماء الكافي فالخصوبة في المناطق الجافة يمكن أن تكون كامنة في التربة فلا تظهر إلا إذا توفرت لها المياه ففي المناطق الجافة حيث توجد الأراضي الخصبة مع توفر الحرارة والضوء تلاحظ أنه عندما يوجد فيها الماء اللازم فإنها تنتج محصولاً وافراً، لا تنتجه أراضي المناطق الرطبة إلا ببذل مجهود كبير ونفقات كثيرة.
وإن المزارع لايستطيع أن يسيطر على العوامل الخارجية فإنه يلجأ لزيادة الخصوبة بالاهتمام بتحسين العوامل الداخلية المتعلقة بصفات التربة الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية.
العوامل الداخلية لتحديد خصوبة التربة
إن العوامل الداخلية تتفاعل مع بعضها البعض لتكون خصوبة التربة فالخصوبة لاترتبط بغناء التربة بالكاتيونات والأنيونات الضرورية لتغذية النباتات والقابلة للامتصاص من قبل النبات مباشرة فقط وإنما ترتبط أيضاً بعوامل أخرى لاتقل عنها أهمية مثل حالة التربة الفيزيائية والتهوية وعمق التربة ونسبة الحصى والحجارة والطبوغرافية والنشاط البيولوجي وتوفر الماء في التربة وسهولة امتصاصه ونوع الدبال ونوع الصخرة الأم أي أن خصوبة التربة تتعلق بالخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والطبوغرافية للتربة معاً.
وسنذكر فيما يلي العوامل الداخلية التي تحدد خصوبة التربة:
1- سعة التبادل : إن خصوبة التربة متعلقة (بسعة التبادل) أو بتعبير آخر بنسبة المواد الغروية وخاصة المركبات الدبالية التي تشكل مايسمى بمركب الادمصاص، إن ازدياد سعة التبادل يؤدي إلى تحسين التغذية المعدنية عند النباتات، فبالإضافة إلى كونه مصدراً للتغذية المعدنية فإن الدبال يحسن صفات التربة الفيزيائية فيوفر وسطاً ملائماً لنمو جذور النباتات، وللتغذية المائية لها ويؤثر بصورة غير مباشرة أيضاً على التغذية المعدنية للنباتات.
إن العناصر المدمصة من قبل مركب الادمصاص ( مثل الكاتيونات المعدنية الفوسفور) تشكل المصدر الرئيسي للتغذية المعدنية للنباتات فقد دلت الأبحاث الحديثة أنه يوجد تبادل بين الكاتيونات H+ المدمصة من قبل الشعيرات الماصة والكاتيونات المعدنية المدمصة من قبل مركب الادمصاص، ومن هنا يتضح لنا أهمية مركب الادمصاص في خصوبة التربة. إن الأراضي الرملية التي تتميز بسعة تبادل ضعيفة لفقرها بالمواد الفروية هي قليلة الخصوبة ، كما أنها لاتحتفظ بخصوبتها إلا لمدة بسيطة من الزمن، حيث تضيع الأسمدة في الأتربة الرملية بواسطة الانغسال.
2- مجموع الكاتيونات المعدنية القابلة للتبادل: إن ازدياد الكاتيونات المعدنية القابلة للتبادل في مركب الادمصاص وبصورة خاصة الكالسيوم والمغنزيوم والبوتاسيوم يزيد من المواد الغذائية الموضوعة تحت تصرف النباتات.
3- نسبة الكاتيونات المعدنية في التربة: إن الكاتيونات الضرورية لتغذية النباتات يجب أن تكون متوفرة في التربة بشكل متوازن ، فزيادة كاتيون معين، C++ مثلاً يمكن أن يؤدي إلى التقليل من امتصاص كاتيون آخر، ومن جهة أخرى فإنه يمكن أن يخلق بين الكاتيونين نوعاً من التضاد بحيث أن ازدياد نسبة أحدهما يمنع امتصاص الآخر من قبل جذور النباتات.
ففي الأراضي الكلسية يوجد غالباً بين Ca++، Mg++ تضاد وكذلك نجد تضاداً بين هذين الكاتيونين في الأراضي الغنية بالمغنزيوم، ففي هذه الحالة يخف امتصاص الكالسيوم من قبل جذور النباتات. وفي الأراضي التي تكون فيها نسبة الكاتيون K+ أكبر من Ca++ أو Mg++ فإنه يحدث تضاد يقلل من امتصاص الجذور للكاتيونين Ca++ و Mg++. لقد بين أبحاث العلماء الحديثة أن أفضل نسبة للكاتيون Ca++ القابل للتبادل تتراوح بين 70-75% من مجموع الكاتيونات المعدنية. وإن ازدياد نسبة الكلس الفعال في التربة يؤدي إلى تثبيت البوتاسيوم كما تقلل أيضاً من امتصاص الفوسفور والحديد لتحويلهما إلى أشكال قليلة الذوبان.
4- المادة العضوية: إن كمية المادة العضوية في التربة تلعب دوراً أساسي في خصوبة التربة لأنها تحسن الصفات والخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة.
5- بناء التربة Structure: أن لبناء التربة أهمية كبرى في تغلغل الجذور في داخل التربة لتبحث عن الماء والمواد المعدنية المغذية للنبات، ولبناء التربة، دوراً هام في تحسين نفاذية وتهوية التربة ، فالتربة ذات البناء الجيد تسهل التغذية المعدنية والمائية للنباتات. فالتربة التي تحتوي على دبال كلسي وعلى غضار كلسي يكون بناؤها جيد والتغذية المعدنية والمائية عند النباتات سهلة.
فلو كانت التربة غنية بالعناصر الغذائية المعدنية وكان بناؤها سيء كأن تكون متراصة كتيمة لاينفذ إليها الماء والهواء إلى بصعوبة فإنها تكون غير ملائمة لنمو المزروعات. ولاتعطي مردوداً جيد مثل الأتربة التي تحتوي على دبال صودي وغضار صودي (حالة الأتربة المالحة والقلوية) فهذه الأراضي تحتاج لاستصلاح لإعادة الخصوبة الكامنة فيها.
6- قوام التربة Texture: وهو عبارة عن التركيب الميكانيكي للتربة أي مجموع العناصر الأولية التي تتألف منها التربة من طين وسلت ورمل ناعم ورمل خشن وحصى أحياناً.
تدعى الأتربة الطينية التي تتميز بوجود نسبة عالية من الطين أكثر من 45% (الأتربة الثقيلة) وهي صعبة الفلاحة ولها قوة التصاق كبيرة بينما تكون الأراضي الرملية ذات القوام الخشن خفيفة ضعيفة الالتصاق ولكنها سهلة الفلاحة.
للأراضي الغنية جداً بالسلت وخاصة السلت الناعم والسلت الناعم جداً قوام خاص يكون في الغالب سيئاً تماماً,. ففي هذه الأراضي تكون نسبة الغرويات المعدنية عادة قليلة حتى تسمح بتشكيل حبيبات التربة Agreyats التي تحسن من قوامها هذا. وإن الحبيبات السلتية معدومة الخواص الغروية ولكنها ناعمة لدرجة يمكنها أن تسد كل الفراغات الموجودة داخل التربة سواء كانت كبيرة أم صغيرة فتقلل من تهوية التربة ومن قابليتها للنفاذية وبالتالي من خصوبة التربة، يمكن للأراضي الطينية أو الرملية أن تتحسن وبالتالي من خصوبة التربة ، يمكن للأراضي الطينية أو الرملية أن تتحسن إذا أضيف لها مواد عضوية حيث يساعد على تحسين قوامها.
7- عمق التربة: كلما ازداد عمق التربة كلما ازدادت المساحة التي تنتشر بها الجذور فتزيد بذلك كمية المواد الغذائية الممتصة من قبل النباتات. إن عمق التربة يعوض أحياناً عن فقر التربة بالعناصر الغذائية.
8- طبيعة الصخرة الأم أو مادة الأصل: إن الصخرة الأم تحرر كاتيونات معدنية عندما تتآكل تحت تأثير العوامل الطبيعية (التجوية) لهذا يوجد نوع من العلاقة بين نوع الصخرة الأم وغناء التربة الناتجة عنها بالكاتيونات المعدنية.
فالصخور الكلسية الطرية مثل المارن والطباشير تتآكل بسرعة وتعطي أتربة غنية جداً بالكالسيوم الذائب أو القابل للتبادل وهذا له تأثير سيء على التغذية المعدنية عند النباتات، وهناك صخور فقيرة بالكاتيونات المفيدة مثل الصخر الرملي الذي يحوي على الكوارتس فهو يعطي أتربة فقيرة بالكاتيونات المعدنية أي الأتربة الناتجة عنه قليلة الخصوبة.
يعطي الغرانيت الذي يحتوي على أنفيبول وبلاجيو كلاز أتربة أغنى بالكاتيونات المعدنية من الغرانيت الذي يحتوي على بيوتيت وارثوكلاز الذي ينتج عن تآكلها كميات قليلة من الكاتيونات.
تعطي صخور البازلت بصورة عامة أتربة غنية جداً بالكاتيونات C++ و Mg++ والفوسفور.
9- درجة تطور التربة: إن الأتربة المنغسلة بشدة تكون آفاقها العلوية A1A2 فقيرة بالعناصر الغروية وبالقواعد الذائبة والقابلة للتبادل.
أما الأتربة البنية والرندزين ، والتشير نوزيوم فتكون أغنى بالكاتيونات في آفاقها العلوية، ولهذا أهمية كبرى في حالة المزروعات ذات الجذور السطحية مثل النجليات وبصورة خاصة إذا كان يوجد في الأتربة المنغسلة أفق B متراص لايسمع انتشار الجذور تكون الأتربة القليلة التطور أو الفتية فقيرة عادة بالآزوت ولكنها تحتوي على كمية من الكاتيونات المعدنية نظراً لوجود فلزاتها في طور التحول.
10- النشاط البيولوجي للتربة: النشاط البيولوجي في التربة عامل أساسي في خصوبتها فالتربة ليست هي مجموعة من العناصر المعدنية متراكمة فوق بعضها البعض، بل هي وسط حيوي يحتوي بالإضافة إلى العناصر المعدنية على كائنات حية متنوعة نباتية وحيوانية تلعب دوراً كبيراً في تشكل التربة وتطورها فهي تلعب دوراً هاماً في التفاعلات البيوكيميائية التي تجري في التربة والتي ينتج عنها تحول المادة العضوية إلى دبال وتحضير المواد الآزوتية اللازمة لتغذية النباتات وتنشط هذه التفاعلات عندما تكون الشروط الطبيعية (حرارة، تهوية، رطوبة) ملائمة لنشاط هذه الكائنات.
انهيار خصوبة التربة
كي تحافظ التربة على خصوبتها يجب أن يكون هناك توازن بين ما تفقده من المواد الغذائية سواء أكان ذلك بواسطة النبات أو بعمليات أخرى كالانغسال والصرف وبين الموجود فيها بالأصل وما يتكون فيها.
كذلك يجب أن لايحدث في التربة من العمليات التي تغير من بنائها وبنيتها والتي من شأنها أيضاً هدم مركب الادمصاص. فلايجب أن يكون هناك انجراف في الآفاق العلوية الغنية بالمواد الدبالية أو انغسال أو تراكم أملاح أو تهديم في بناء التربة أو عمليات يتسبب عنها حموضة الأرض أو قلويتها أو نقصها في كمية الكاتيونات المعدنية المدمصة. أما إذا فقد هذا التوازن وحدثت هذه العمليات فإن خصوبة التربة تهبط وتنهار بصورة تدريجية.
فيما يلي أهم العمليات والعوامل التي تسبب هبوط وانهيار خصوبة التربة:
1- استثمار التربة الزراعية لمدة طويلة من الزمن: دون إضافة أسمدة كيميائية أو عضوية للتعويض عن المواد الغذائية المستعملة من قبل المزروعات مما يسبب انهاك التربة وهبوط خصوبتها.
إن الأتربة الخفيفة الرملية والفقيرة بالمدخرات الغذائية التي تنغسل بسهولة تحت تأثير الري ومياه الأمطار فإنها تفقد خصوبتها بسرعة أكثر من الأتربة الطينية الغضارية والغنية بالمدخرات الغذائية.
1- إن التربة الزراعية تكون أكثر حساسية: من الأراضي المغطاة بالغابات أو بالمراعي لعمليات الانجراف والتعرية بواسطة الرياح والأمطار وهذا يرجع إلى الأسباب التالية:
أ- إن حراثة الأرض تفكك التربة وتساعد على تنعيمها وكذلك تسبب سرعة تحول المواد الدبالية والتي ينتج عنها هدم بناء التربة مما يجعل سطح التربة سهل الانتقال بواسطة الرياح والأمطار.
لقد وجد أن التربة التي تحدث وتزرع تتآكل وتفقد 15 سم من سمكها خلال خمسين سنة بينما لاتحدث نفس هذه النتيجة إلا بعد 3500 سنة في المراعي.
هذا وإن حراثة البادية السورية وزراعتها قد سبب انهيار خصوبة أراضيها وجفافها.
ب-إن بعض المزروعات لاتغطي سطح التربة تماماً لتمنع الانجراف وخاصة إذا كانت الأراضي مائلة أي غير مستوية.
3- إن الحراثة العميقة للأراضي التي تسبب ظهور الآفاق العميقة من التربة غير الخصبة وعديمة النشاط البيولوجي والتي تكون صخرية أو ملحية، وطمر الآفاق السطحية الغنية بالمواد الدبالية والنشيطة من الناحية البيولوجية تسبب هبوط في خصوبة التربة.
4- إن استعمال مياه مالحة لري الأراضي وبصورة خاصة الأراضي الطينية: يسبب هدم بناء التربة وجعلها قليلة النفاذية وعديمة التهوية ومن المعلوم أن المياه المالحة الغنية بالكاتيونات وخاصة الصوديوم Na+ تحول الطين الموجود في التربة إلى طين صودي غير ثابت يتفكك بسرعة تحت تأثير مياه الأمطار ويتفرق.
5- إن استعمال أسمدة تحتوي على صوديوم لتسميد الأراضي الطينية: والفقيرة بالكالسيوم تهدم بناء التربة.
6- إن حراثة الأراضي المنحدرة باتجاه الميل : يجعلها أكثر حساسية للانجراف بواسطة الأمطار والرياح.
7- عدم اتباع دورة زراعية مناسبة يساعد على انهيار خصوبة التربة.
8- إن حراثة الأراضي المنتشرة على الشواطئ والمعرضة لهبوب الرياح القوية الشديدة تعرضها للانجراف.
9- الحرائق في الغابات: وحرق بقايا المزروعات كلها تسبب سرعة تحول المواد الدبالية في التربة من جراء ارتفاع درجة حرارة التربة أثناء الاحتراق، وهذا مايزيد من سرعة تبخر الماء من التربة ويؤدي إلى إفقار التربة بالمواد الدبالية. ولما كانت هذه المواد تلعب الدور الأساسي في ربط حبيبات التربة مع بعضها البعض وتحسين بناء التربة، لذلك فإن هذه الحرائق تؤدي إلى تهديم خصوبة التربة.
10- إزالة طبقة تحت الأشجار (أي الأوراق الميتة والبقايا النباتية): إن طبقة تحت الأشجار تغذي التربة بالعناصر المعدنية والعضوية وتحمي التربة من التبخر الشديد ومن الأمطار الشديدة كما أنها تحفظ الدبال لذلك إزالة طبقة الأوراق الميتة والبقايا النباتية من سطح التربة تسبب خطراً شديداً على خصوبة التربة.
صيانة خصوبة التربة
يمكننا صيانة خصوبة التربة والمحافظة عليها بالطرق التالية:
1-إضافة أسمدة معدنية وعضوية للتربة:
إضافة أسمدة معدنية وعضوية للتربة للتعويض عن المواد الغذائية المستعملة من قبل المزروعات، تضاف الأسمدة حسب نوع التربة وحسب نوع المزروعات هذا ويجب دائماً أن ننتبه إلى نسبة المادة العضوية بالتربة نظراً لما لهذه المادة من أهمية في تحسين صفات التربة الفيزيائية والكيميائية.
طرق تقدير احتياجات التربة للأسمدة
أ- ملاحظة أعراض نقص التغذية على النباتات.
ب- القيام بتحليل عينات الأتربة.
ج- القيام بتحليل النبات.
د- إجراء تجارب سمادية حقلية في المنطقة.
اتباع دورة زراعية مناسبة
إن الدورة الزراعية المثلى لمنطقة معينة يجب أن تكون محصلة العديد من العوامل الأرضية والمناخية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية وغيرها. ومن ناحية أخرى فإن أفضل دورة زراعية التي يدخل فيها البقوليات والمحاصيل التي تتناسب مع العوامل البيئية والاقتصادية.
عدم إحراق بقايا المزروعات
إن حرق الغابات وبقايا المزروعات تسبب سرعة تحول المادة العضوية من جراء ارتفاع درجة حرارة التربة أثناء الاحتراق، ولما كانت هذه المادة تلعب الدور الأساسي في ربط حبيبات التربة مع بعضها البعض وتحسين صفات التربة الفيزيائية، لذلك فإن هذا الحرق يؤدي إلى تهديم خصوبة التربة.
عدم تنعيم التربة
ان تنعيم التربة تنعيماً شديداً أثناء الفلاحة يجعلها حساسة للانجراف، فالكدرات تحمي التربة تماماً من الانجراف وخاصة إذا كانت الأراضي مائلة غير أنها تخلق وسطاً غير ملائم لنمو المزروعات التي تتطلب بينة مؤلفة من حبات غير كبيرة ولذلك يجب على المزارع أن يجد حداً وسطاً لتنعيم التربة بحيث يلبي نمو المزروعات والمحافظة على التربة من الانجراف.
لا يجوز حراثة الأراضي المنحدرة باتجاه الانحدار بل يجب حراثتها باتجاه خطوط التسوية فبهذه الطريقة لاتتمكن مياه السيول من الانسيال إلى الأسفل، بل تتوقف على خطوط الحراثة التي سوف تعترض طريقها.
وعندما يزيد انحدار الأرض عن 4% ويصل أي 8% فإن الحراثة باتجاه خطوط التسوية لاتكفي لمنع انسيال المياه فيمكننا اللجوء لمنع الانسيال إلى الزراعة بطريقة الشرائط الموازية لخطوط التسوية ومبدأ هذه الطريقة هي زراعة كل شريط بمحصول يختلف عن محصول الشريط الذي يليه بحيث يكون موعد فلاحة كل شريط مختلف عن الآخر حتى تلاقي مياه الأمطار عندما تسيل على شريط معين حاجزاً يمنعها من متابعة انسيالها.
استعمال ماء الري
استعمال ماء الري بشكل علمي صحيح وكيفية صرف المياه الفائضة من الأراضي عن طريق فتح المصارف وحساب كمية الماء اللازمة وخاصة النبات إلى الماء ومواعيد السقاية، كل هذه الأشياء لها علاقة وطيدة في صيانة خصوبة التربة علماً بأن تحسين إدارة واستعمالات المياه يخدم الاقتصاد الزراعي في البلاد وذلك بتأمين تخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة المساحة المروية وتحسين الإنتاج والمردود وزيادة عمر الأشجار وتأمين زراعة خضراوات ومحاصيل مبكرة.
عند استخدام مياه الآبار التي قد تصل درجة توصيلها إلى حوالي 10 مليموز/سم في ري هكتار من القطن فإن كمية الأملاح التي يمكن أن تتجمع في التربة تصل إلى حوالي 130.000 ألف كغ في السنة، وإذا علمنا أن بحوض الفرات حوالي 700 بئر ونباعة وإن متوسط زمام ري البئر أو النباعة 120 دونم فإن مساحة الأراضي المتأثر بالملوحة في حوض الفرات فقط تصل إلى نحو 84 ألف هكتار نتيجة للري بمياه الآبار المالحة.
لذلك فمن أجل الحفاظ على خصوبة التربة من الضروري عدم استعمال المياه المالحة في الري.
دور المادة العضوية والدبال في التربة الزراعية
بتصرف عن بحث للدكتور
خلف خليفة
أدرك الأجداد بالملاحظة فوائد المواد العضوية فشاهد رعاة الأغنام تحسن نمو النباتات في الأماكن التي راثت فيها أغنامهم، وخمر الصينيون البقايا النباتية مع الطين، ونحا على ذلك المصريون والرومان، وخمر العرب فضلات الحيوان وخلطوها بالتراب والتبن، إلى أن عني العلماء في العصر الحديث بدراسة المواد العضوية من حيث انحلالها وفائدتها للتربة والنبات ولم تفقد تلك المواد اهتمام الزارع بها إلى في الفترة القصيرة التي أعقبت نظرية ليبيج Liebig في التسميد المعدني ولكنها سرعان ما استعادت أهميتها من جديد عندما أثبت لاوس وجلبرت أن التسميد المعدني لايغني بحال من الأحوال عن التسميد العضوي ثم اشتد الاهتمام بها بتقدم الدراسات الميكروبيولوجية لأنها ألقت الكثير من الأضواء على ماتحدثه فيها ميكروبات التربة وأوضحت ما لهذه التغيرات من أثر كبير في خصب الأرض.