مصراوي عضو فعال
عدد المساهمات : 762 تاريخ التسجيل : 28/08/2010 العمر : 45
| موضوع: الآداب مع جناب الوهاب الإثنين 20 يونيو 2011 - 19:45 | |
| الآداب مع جناب الوهاب
قال ابن القيم في النونية :
وهو العزيز فلن يُرام جنابه ... أنى يُرام جناب ذي السلطان إن كُل خير ، بل كُل حركة وسكنة ، وكُل غمْضة عين وانتباهتها ، وكُل اخْتلاجة عرْق ، وكُل دفْقة دم ، وكل عافية وستْر ؛ هي من منح الجليل تبارك وتعالى . وإذا كان ذلك كذلك فإن الوهاب الْمُعْطي الجبار أحق من تأدب العبْد مع جنابه . وأبواب الأدب مع الله كثيرة وإن من الأدب مع الله : الحياء منه سبحانه وتعالى . ومن الحياء من الله : أن تستحي أن يراك حيث نهاك أو أن يفقدك حيث أمرك .
فلا تمشي بك قدم إلى معصية .. ولا يتأخر بك خطْو إلى طاعة ..
لقد كان الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم يُحمل ويُهادى بين الرجُلين حتى يُقام في الصف ..
وضربوا أروع الأمثلة في الحياء من الله . حدث الإمام الزهري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال : يوما وهو يخطب : أيها الناس استحيوا من الله ، فوالله ما خرجْت لحاجة منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أُريد الغائط إلا وأنا مُقنع رأسي حياء من الله .
والحياء من الله أن تستحيي من نظر الله إليك .. فتحفظ السمْع والبصر .. والبطْن والرأس .. والفرْج ..
قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : استحيوا من الله حق الحياء . قالوا : يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله . قال : ليس ذاك ، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحْفظ الرأس وما وعى ، والبطْن وما حوى ، ولتذكر الموت والْبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ؛ فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء . رواه الإمام أحمد والترمذي . وحسنه الألباني . ورجح الذهبي وقْف الحديث .
وقال عليه الصلاة والسلام : اسْتحْيُوا من الله ، فإن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدْبارهن . رواه النسائي في الكبرى .
والحياء من الله إذا وُقف الإنسان بين يديه وسأله عن أعماله .
كما قيل :
يا حسرة العاصين يوم معادهم *** ولو أنهم سيقُوا إلى الجنات لو لم يكن إلا الحياء من الذي ***ستر الذنوب لأكْثروا الحسرات قال ابن الجوزي : يا عظيم الجرأة يا كثير الانبساط ، ما تخاف عواقب هذا الإفراط ؟ يا مؤثر الفاني على الباقي غلْطة لا كالأغلاط ، ألك صبر يُقاوم ألم السياط ؟ ألك قدم يصلح للمشي على الصراط ؟ أيُعْجبك لباس الصحة ؟ كلا وثوب البلاء يُخاط . اهـ .
والحياء من الله ومن خلْقه مفتاح كل خير .. قال عليه الصلاة والسلام : الحياء لا يأتي إلا بخيْر . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية لمسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحياء خير كُله . قال : أو قال : الحياء كُله خير . وحين مر رسُولُ الله صلى اللهُ عليْه وسلم على رجُلٍ منْ الأنْصار وهُو يعظُ أخاهُ في الْحياء .. فقال رسُولُ الله صلى اللهُ عليْه وسلم : دعْهُ فإن الْحياء منْ الإيمان . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية : مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجُل وهو يُعاتب أخاه في الْحياء يقول : إنك لتستحيي ، حتى كأنه يقول : قد أضر بك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعْه ، فإن الحياء من الإيمان .
قال ابن حبان : الحياء من الإيمان ، والمؤمن في الجنة . اهـ . وذلك لأن الحيي يستحيي من نظر الله إليه . وكان بعضُ السلف يقول : أتراك ترْحم منْ لم تقر عينيه بمعصيتك حتى علم أنْ لا عين تراه غيرك؟ وكان وهيبُ بن الورد يقول : خف الله على قدْر قُدْرته عليك ، واستحي منه على قدْر قُربه منك . وقال بعضُهم : ابن آدم إنْ كنت حيث ركبت المعصية لم تصْفُ لك من عينٍ ناظرةٍ إليك ، فلما خلوت بالله وحده صفتْ لك معصيتُهُ ، ولم تستحي منه حياءك من بعض خلقه ، ما أنت إلا أحدُ رجلين : إنْ كنت ظننت أنه لا يراك ، فقد كفرت ، وإنْ كنت علمْت أنه يراك فلم يمنعك منه ما منعك من أضعف خلقه لقد اجْترأت عليه . نقله ابن رجب .
وقال ابن القيم عن الحياء : هو أصْل كُل خير ، وذهابه ذهاب الْخير أجْمعه . اهـ .
وصدق رحمه الله فقد قال عليه الصلاة والسلام : الْحياء والإيمان قُرنا جميعا ، فإذا رُفع أحدهما رُفع الآخر . رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرطهما . وصححه الألباني .
الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم حفظه الله
| |
|