ثالثاً: قدرة الجراد على الحركة السريعة:
الحشرات الصحراوي من الحشرات النشطة السريعة الحركة حتى وهو في طور الحورية التي لم تستكمل بعد نموها وخاصة الأجنحة التي تساعد الجراد على الطيران وبالرغم من أن الحوريات في أعمارها الأولى تكون بطيئة الحركة نسبياً حيث أن الطور الأول تكون حركته محدودة في أماكن ظهوره إلا أن الحوريات في أطوارها التالية تزحف بسرعة حتى أنها في أعمارها الأخيرة تزحف لمسافة حوالي 5 كيلومترات يومياً ويلاحظ ذلك بصورة واضحة في كثير من مناطق المقاومة حيث كثيراً ما تظهر المنطقة من الحوريات في أعمارها الأولى بحيث تبدو المنطقة وكأنها خالية تماماً من الإصابة ثم فجأة تظهر بها مجموعات كبيرة من الحوريات المتقدمة العمر آتية غالباً من مناطق لم تصلها عمليات المقاومة وخاصة الجهات الجبلية.
وبالنسبة للحشرات الكاملة فإن قدرة الأسراب على الطيران لمسافات بعيدة معروفة وكثيراً ما شوهدت أسراب تعبر البحر الأحمر من أفريقيا إلى شبه الجزيرة العربية وقد تصل بعضها الهند والباكستان أو تركيا شمالاً.
ويحدث طيران الأسراب خلال النهار إلى ما بعد الغروب في بعض الأحيان ثم تستقر الأسراب على الأرض خلال الليل ثم تواصل طيرانها ومعدل الطيران يتراوح بين 10 و15 ميل في الساعة في المتوسط وتدفعه إلى الهجرة ويؤثر عليها عوامل شتى أهمها الحرارة وأشعة الشمس والرياح وقوتها وعوامل فيزيولوجية ولكن أسباب هذه الهجرة غير معروفة تماماً ولكن المعروف أنها ليست بغرض البحث عن غذاء فكثيراً ما تركت الأسراب أو مرت على مناطق خضراء واتجهت مع الرياح إلى مناطق قد تكون أقل خضرة وأكثر جفافاً.
رابعاً: الأضرار التي يسببها الجراد الصحراوي:
تكمن خطورة الجراد الصحراوي أيضاً في شراهته المتناهية في التغذية على أي شيء أخضر، فإذا لم تجد شيئاً أخضر فإنها لا تترك حتى الثمار الناضجة أو لحاء الأشجار وبالرغم من أن هناك نباتات يفضلها الجراد الصحراوي من غيرها مثل النباتات النخيلية إلا أنه إذا لم يجدها يتغذى على ما يصادفه من نباتات أخرى.
وتأكل حشرات الجراد الصحراوي وزنها يومياً أي أن سرب الجراد الواحد الذي يحوي ملايين من الجراد تأكل يومياً أطناناً من الغذاء الأخضر التي يعتمد عليه الحيوان والإنسان في غذائه. مما سبب مجاعات وهلاك كثير من الناس في العصور الوسطى.
إن من العسير في كثير من الأحوال تقدير وتقييم ما تحدثه إحدى الآفات في المحاصيل الزراعية من أضرار وإذا كان هذا ميسوراً لحد ما في حالة بعض الآفات والأمراض النباتية فإنه عسير لحد كبير في حالة آفة كالجراد حيث تطير وتنتقل وتعيش على نباتات مختلفة وعلى المراعي.
إلا أن الإحصائيات الدولية تشير إلى عظم الخسائر التي تلحق بالمحاصيل الزراعية من جرّاء هذه الحشرة.. فقد بلغت الخسائر الناتجة عن أضرار الجراد في الفترة مابين عام 1925 إلى 1934 أكثر من ألف مليون دولار بمتوسط قدره مائة مليون دولار سنوياً ، وقدرت الأضرار التي نزلت بالزراعات وبساتين الفاكهة في المغرب خلال موسم 1954/1955 من جراء غزوه للجراد الصحراوي بحوالي 15 مليون دولار.
والأهم من القيمة النقدية هي الفقد في غذاء الإنسان وماشيته من المحاصيل الزراعية. ولقد أثبت البحث أن الجرادة تأكل في اليوم ما يوازي وزنها، فإذا علمنا أن سرباً صغيراً يشغل مساحة لا تتعدى ثمانية أميال مربعة يحوي نحواً من ألف مليون جرادة أمكن حساب كمية الغذاء الذي يلتهمها مثل هذا السرب الصغير (متوسط وزن الفرد من الجراد الصحراوي الكامل لنمو حوالي الغرامين).
ففي كينيا سنة 1954 قدر عدد الأسراب التي أغارت عليها بحوالي خمسين سرباً قدر وزنها بحوالي 10.000 طن أي أنها كانت تأكل حوالي 100 ألف طن يومياً من النباتات فإذا ما تركت هذه الأسراب وشأنها لعدة أسابيع ولم تقاوم فإن مقدار ما كانت تأكله يعادل ما ينتج محصولاً قدره 250 ألف طن من الذرة.
وفي أواسط أفريقيا في تنجانيقا والكاميرون هلك الكثير من الناس جوعاً نتيجة للأضرار الجسيمة التي أصابت المحاصيل الغذائية التي قضى عليها هذا الجراد منذ خمسون عاماً.
وفي أثيوبيا أتى الجراد الصحراوي عام 1950 على حوالي ثلاثمائة ألف من إنتاج محاصيل الحبوب تكفي لغذاء أكثر من مليون شخص لمدة عام كامل.
كما عانت السنغال بأقصى الغرب، والهند والباكستان بأقصى الشرق، بل وأغلب الدول المعرضة لغزو الجراد الصحراوي الكثير من هجوم أسرابه المدمرة سواء في العهد القريب أو البعيد.
وإننا لنذكر أن غارة الجراد الصحراوي التي حدثت في عام 1914 فاللذين أدركوها يذكرون كيف أنها أدت إلى القضاء على آلاف أشجار النخيل ومساحات شاسعة خضراء غنية بالمراعي والزراعة في كثير من أنحاء شبه الجزيرة العربية وما حولها بحيث لم تقم لنخلها قائمة إلا بعد مرور سنين. والنخيل عماد غذاء البدو وأحد مصادر رزقهم ، وفي تلك الغزوة تعرضت بيارات الموالح في فلسطين وما حولها لأضرار بالغة صعب تقديرها ويكفي القول أن الجراد في غزوته هذه لم يكتف بأكل الشجر والثمر بل التهم لحاء الشجر. وأصيبت زراعات القطن بمصر بأضرار غير قليلة رغم أن آلافاً من الأهالي والجند وطلبة المدارس جندوا لمواجهة الخطر.
تاريخ حياة الجراد الصحراوي:
سبق إيضاح مدى خطورة الجراد الصحراوي على اقتصاديات الدول وثرواتها الزراعية ولمواجهة مشكلاته واتخاذ الإجراءات التي تتطلبها مقاومته يجب الإلمام بتاريخ حياته ومختلف أطوار نموه خصوصاً وأن الجراد الصحراوي من الحشرات عديدة التشكل. فإن لتاريخ الحياة ارتباط وثيق بأساليب وطرق المقاومة فضلاً عن توقيتها وللجراد الصحراوي ثلاثة أطوار رئيسية للنمو:
أولاً: طور البيضة:
وهي الفترة من وضع البيض حتى الفقس وخروج الحوريات وتسمى أيضاً فترة الحضانة ، فبعد التزاوج تبدأ الأنثى محاولات لاختيار المكان المناسب لوضع كتلة البيض وذلك بالحفر مرة أو مرتين أو أكثر قبل وضع البيض حتى تحفر الحفرة المناسبة لوضع كتلتها. وعملية الحفر تتم بواسطة الزوجين الظاهرين من الصمامات القرنية القوية لآلة وضع البيض في نهاية بطن الأنثى.
تدفع الأنثى آلة وضع البيض في التربة وبحركات دافعة لأسفل وانفتاح انقفال الصمامات يجري الحفر حتى يتم دخول كل البطن تقريباً في الحفرة وبين آن وآخر قد تلف ببطنها حتى تكون الحفرة مستديرة ومتماسكة وتطول البطن في هذه العملية بواسطة امتلائها بالهواء وامتداد الغشاء الجلدي المرن بين حلقاتها مما تساعد البطن على الامتداد إلى ضعف طولها أو أكثر. وطول الحفرة يتراوح بين 7.5-15 سم وعادة 10 سم.
وتبدأ عملية الوضع بأن تفرز الأنثى قليلاً من مادة رغوية ثم يبدأ خروج البيض مختلطاً بتلك المادة ويتوالى وضع البيض من الفتحة التناسلية مع سحب الأنثى لبطنها تدريجياً حتى تخرج آخر بيضة ثم تفرز بعد ذلك إفراز زائد للمادة الرغوية بحيث تتكون منها سدادة في أعلى كتلة البيض. وهذه المادة تجف وتجمد بعد برهة وجيزة وتأخذ لوناً بنياً وتربط البيض ببعضه في كتلة متماسكة بحيث تكون جداراً حول مجموعة البيض ومن فوقه سدادة اسفنجية للحماية ولتسهيل خروج الحوريات عند الفقس، وتحرك الأنثى بطنها عقب الوضع لتغطية الكتلة بالرمل. وتستغرق عملية الحفر الوضع 1.5-2 ساعة ولكنها قد تقصر إلى ساعة واحدة أو تطول إلى ثلاث ساعات.
أحياناً تضطر الإناث إلى وضع البيض مبعثراً على سطح التربة أو على جذوع الأشجار إذا كانت التربة صلبة أو غير مناسبة أو جافة لايمكن للإناث الاحتفاظ بالبيض الناضج أكثر من ثلاثة أيام.
وقد تحدث حالات فردية من الوضع على سطح التربة رغم مناسبتها ويكون ذلك غالباً بواسطة إناث معتلة صحياً ، وهذا البيض الذي يوضع على سطح التربة يتعرض للجفاف ولايفقس.
وكتلة البيض مستقيمة أو مقوسة قليلاً ويختلف طولها حسب عدد البيض فيها وطول السدادة 3-4 سم والباقي إلى حوالي 10 سم مجموعة من البيض وقطر السدادة حوالي 7 مم وقطر الكتلة لنفسها أكبر قليلاً (حوالي 8مم) وأعرض ماتكون في منتصفها، ومتوسط عدد الكتل التي تضعها الأنثى في الطبيعة ثلاث مرات كتل على فترات بين كل منها 5-7 أيام، ولكن عدد الكتل يختلف من حشرة لأخرى، وعادة من 1-6 ويمكن معرفة الأنثى التي أتت وضع البيض بفحص مبايضها فإذا لوحظ وجود صفوف من بقع برتقالية في قواعد أنابيب البيض فهذا معناه عادة أن الإناث أتمت وضع البيض ويكون ترتيب البيض في الكتلة بحيث يمكن الاقتصاد في الحيز وتسهيل خروج الصغار فيوضع متراصاً بميل بحيث تكون قمة البيض متجهة نحو محور الكتلة الطولي.
وعدد البيض في الكتلة الواحدة يتفاوت تفاوتاً كبيراً ويتراوح بين 21-93 وقد يزيد، وعدد البيض في الكتل المتتالية ليس بالضرورة خاضعاً لترتيب متناقص أو متزايد إلا في المتوسط العام فهو للكتلة الأولى 59 بيضة وللثانية 50 والثالثة 48 والرابعة 38 والخامسة 39 والسادسة 28 بيضة. وعادة يلاحظ أن عدد البيض في الكتلة الموضوعة في أنثى تجميعه أقل من مثيله في كتلة الأنثى الانعزالية. ويتراوح مجموع البيض الذي تضعه الأنثى الواحدة خلال حياتها بين 72-281 بيضة، ولكن كما سبق الذكر هناك حالات تقل أو تزيد عن ذلك,
والبيضة الموضوعة حديثاً لونها أصفر مشوب بالبرتقالي وتميل للتقوس قليلاً وطولها من 5.1-5 مم وقطرها في أعراض أجزائها 0.9-1.6 وقمتها لها حواف على شكل سداسي ويكبر حجم البيض كلما نما الجنين وأغلب النمو ناتج عن امتصاص الماء الذي يعتبر وجوده ضرورياً لبدء نمو الجنين حيث وجد أنه في الخمسة أيام الأولى يمتص البيض مايقرب من مثل وزنه من الماء، وقرب الفقس يكون طول البيضة قد زاد حوالي 29% ويصبح حوالي 6مم والقطر يزيد 70% ويتراوح حوالي 2 مم. متوسط وزن البيض عند الوضع 8.6 ملغ ويصبح متوسطه عند الفقس حوالي 15.2-19.2 ملغ ويصل إلى 27 ملغ. ولما كان الوزن الجاف للبيضة عند الوضع وقبل الفقس مباشرة ثابتاً بل قد يقل قليلاً قبل الفقس فإن زيادة الوزن ناتجة عن كمية الماء التي امتصتها البيضة أثناء نموها. ولذلك كانت الرطوبة الأرضية هامة جداً للنمو الجنيني وكان وضع البيض مرتبطاً بموسم الأمطار.
وتختلف فترة الحضانة أي النمو في الطبيعة بين 9-73 يوماً حيث تتباين المناطق المختلفة في ظروفها الجوية ، وأهم هذه العوامل المؤثرة هنا هي درجة الحرارة والرطوبة الأرضية. وأقل فترة حضانة كانت 9-14 يوم في مناطق التكاثر الصيف في السودان وأقاليم شرق أفريقيا وبعض مناطق الهند وفي الصومال وعلى سواحل البحر الأحمر. أما في التكاثر الربيعي في أواسط شبه الجزيرة العربية فتطول فترة الحضانة إلى 25-30 يوم وإلى الشمال أكثر في شبه الجزيرة العربية أو في شمال أفريقيا فإن البيض الذي يوضع في الشتاء وأوائل الربيع قد يمكث 60-70 يوم إذا صادفته موجات باردة ولكن عندما يكون الجو دافئاً في هذه المناطق فقد لاتستغرق الحضانة أكثر من 20-30 يوماً.
والبيض على درجات الحرارة الأقل من 18مº لايموت ولكن نموه يتوقف حيث تتهيأ الحرارة المناسبة وجفاف التربة أو النسب المنخفضة جداً لرطوبتها يوقف النمو الجنيني حتى على درجات الحرارة المناسبة والجفاف الطويل نسبياً قد يميت الأجنحة ، ولكن في بعض الحالات بقيت أجنحة كاملة لمدة 81 يوم ثم بدأت في النمو عندما رطبت التربة.
وتختلف أماكن وضع البيض أكثر ولكنها غالباً ماتكون أرضاً رملية ناعمة أو سلتية مكشوفة في الغالب وقد تكون على ميوز الكثبان الرملية في الأراضي المعدة للزراعة وقد يحدث في شقوق جبلية تتجمع بها الرمال، وفي أحيان قليلة في الأراضي الزراعية العادية إذا ما استقرت بها الأسراب البالغة جنسياً والموشكة على وضع البيض وعموماً تنتخب الأنثى الموقع الأدفأ المحمي من الرياح ذا التربة المفككة المحتوي على رطوبة أرضية مناسبة ولايحدث وضع بيض في تربة جافة.
ثانياً: طور الحورية:
وهي الفترة بين ظهور فقس الجراد على سطح الأرض حتى تمام تكون الحشرة الكاملة المكتملة الأجنحة بعد آخر انسلاخ.
ولكي تصل الحورية إلى طور الحشرة الكاملة تنسلخ في العادة خمسة انسلاخات (وهذا بخلاف التخلص من الغلاف الجنيني بعد الفقس مباشرة).
وتسمى الفترة بين كل انسلاخين بالعمر، ويبدأ العمر الأول بعد الفقس مباشرة والعمر الثاني بعد أول انسلاخ وهكذا حتى العمر الخامس الذي ينسلخ الانسلاخ الأخير (الخامس) إلى الحشرة الكاملة.
عملية الفقس: كما سبق القول قرب الفقس تكبر البيضة في الحجم وتنفتح ويصبح غلافها أرق وأكثر شفافية حتى أنه يمكن رؤية الجنين بالداخل وبعد استكمال الأجنحة للتمدد تبدأ الحوريات في الخروج إلى سطح التربة عن طريق شق غلاف البيضة من الجزء العلوي الأمامي وتخرج الصغار وبحركة راقصة تشق اليرقات الدودية طريقها إلى سطح التربة خلال الجزء الاسفنجي العلوي من كتلة البيض.
ويفقس البيض العلوي في الكتلة أولاً ثم يتلوه الذي أسفله وهكذا تدرجياً حتى يفقس البيض الموجود بالكتلة وعند خروج الحوريات من كتلة البيض إلى سطح التربة تكون مغلفة بغلاف أو جلد أبيض وأطرفها ممددة إلى الخلف ومستقيمة داخل الغلاف، غير أنها سرعان ماتشقه وتتخلص من هذا الغلاف في ظرف ثوان أو دقيقة واحدة. ويسمى التخلص من هذا الغلاف بالانسلاخ الأوسط والأغلفة البيضاء هذه تميز مواقع الفقس، ولكن سرعان ماتبددها الرياح.
وقد تفقس الكتلة كلها في وقت واحد ويحدث ذلك خلال بضع دقائق ولكن كثيراً مايحدث الفقس على دفعات في خلال أيام معدودة وعادة في الطبيعة يكون فقس اليوم الأول قليلاً وأكثره في اليوم التالي ثم القليل في اليوم الثالث، وقد يحدث أن تستمر توالي فقس الكتل إلى عشرة أيام أو أكثر.
وتحت الظروف الطبيعية المناسبة يفقس البيض جميعه ولكن هناك عوامل كثيرة تؤثر على نسبة الفقس نتيجة الموت الجنيني أو افتراس البيض أو موت اليرقات وهي في طريقها في الخروج من الكتلة وعموماً تراوحت نسبة الفقس تحت ظروف شبه الطبيعية بين 40-99% بمتوسط 83%.
حورية العمر الأولى: يكون لونها الفقس أصفر باهتاً سريعاً مايتحول إلى اللون الأسود (في المظهر التجمعي) بعد فترة تصل إلى أكثر من ساعة، الرأس عمودية على الجسم ويوجد خط وسطي ظهري دقيق لونه أفتح يمتد على الرأس والبرونوتم ( الدرفة الصدرية) والمنطقة البطنية، مقدم الرأس عليه بقع شاحبة اللون ، وتوجد بقعة مقوسة نصف هلالية على كل من جانبي البرونوتم ، وتوجد ثلاث بقع لونها أفتح على الفخذ الخلفي، العين المركبة بها شريط كولي واحد بني اللون، قرن الاستشعار 13 حلقة، طول الحورية حوالي 7-75 مم في أول العمر وقد تصل إلى 12 مم في نهايته.
وحوريات العمر الأول التجمعية تكون نشطة وقد لاتتغذى في أول يوم للفقس، ولكن بعضها يتغذى بعد ساعات من الفقس، ويظهر بينها السلوك التجمعي من المبدأ فهي تتحرك في جماعات في مساحات محدودة وتكون في مجموعها بقعاً سوداء على سطح الأرض للتشميس. وتتسلق النباتات في مجموعات كبيرة للمبيت متكاثفة بحيث تصبح في شكل كتل أو عناقيد سوداء.
حورية العمر الثاني:اللون العام أسود كالعمر السابق غير أن البقع اللونية تصبح أكبر نسبياً وأكثر تحديداً ويصبح لون تلك البقع الفاتحة أبيض أو أصفر أو محمراً. المساحات نصف الهلالية على جانبي البرونوتم تصبح أكثر وضوحاً ، قرن الاستشعار 19 حلقة، العين المركبة بها شريطان طوليان بنيا اللون.
يبلغ طول الحورية في أول العمر 11 أو 12 مم وفي نهايته 12-18 مم وتكون نتوءات الأجنحة في العمرين الأول والثاني في الجهة البطنية من صدر الحورية.
حورية العمر الثالث: يبدأ اللون العام في الاختلاف بعض الشيء عن العمرين السابقين بوضوح اللون الأحمر والبرتقالي فيصبح لون الجبهة وقواعد قرون الاستشعار برتقالياً فاتحاً. تتسع البقعة شبه الهلالية الموجودة على جانبي البرونوتم كما توجد نقط صغيرة مبعثرة أفتح لوناً على البرونوتم وتصبح البطن صفراء شاحبة أو مشوبة بالحمرة على جانبيها نقط سوداء وسلسلة من النقط السوداء على امتداد الخط العلوي لها. وتظهر نتوءات الأجنحة بصورة واضحة خلف البرونوتم في وسط المنطقة الصدرية وتكون سوداء مثلثة الشكل مزدوجة على كل جانب وطولها لايزيد على 1.5 مم في أو العمر 1.8 مم في آخره ، الفخذ الخلفي به اللونان الأسود والرمادي والفاتح بالتبادل. قرن الاستشعار 21 حلقة ، طول الحورية في أول العمر 14-18 مم وفي آخره 16-25 مم .
قد يصل ما تقطعه الحوريات في العمر إلى حوالي الكيلو متر في اليوم .
حورية العمر الرابع: يصبح اللون العام فيها أصفر مشوباً ببقع برتقالية ويصبح نظام البقع السوداء واضحاً على الجمجمة والوجنات والصدر والبطن. تضيق البقع المقوسة على جانبي البرونوتم. الشرائط والنقط الموجودة على البطن في الوسط على الجانبين تصبح واضحة محدودة. تكبر نتوءات الأجنحة وتكون في المنطقة الظهرية من صدر الحورية وتلتف على محورها بحيث السطح العلوي سفلياً ويكون طولها أقصر من طول البرونوتم وتصل إلى نهاية الحلقة البطنية الأولى طولها 4-5 مم ويصبح لونها فاتحاً ويغمق لون عروقها، قرن الاستشعار 23 حلقة . طول الحوريات في هذا العمر بين 25-26 مم للذكر وحوالي 22-25 مم للأنثى.
حورية العمر الخامس: لونها العام أصفراً برتقالياً مصفر ببقع سوداء البقعة التي على جانبي البرونوتم تفقد حدودها أو تختفي. تكبر بدايات الأجنحة ولكن وضعها كوضعها في العمر السابق، ويكون طولها أطول من طول البرونوتم فتصل الأجنحة الأمامية إلى مابعد نهاية الحلقة البطنية الثانية والأجنحة الخلفية إلى مابعد نهاية الحلقة البطنية الثالثة. الزوائد البطنية مميزة في الجنين وتصبح الإناث أكبر من الذكور. قرن الاستشعار 25 حلقة، طول الذكر 23-39 مم وطول الأنثى 38-45 مم.
وقد يصل ماتقطعه الحوريات في زحفها في هذا العمر مدى خمسة كيلومترات في اليوم وقد تزيد.
عملية الانسلاخ: هي العملية التي تتم بين كل عمر وآخر حتى تصل الحوريات إلى طور الحشرة الكاملة، فعند تمام نمو أي طور من أطوار الحورية تمتنع عن التغذية وتصعد إلى فروع أو أنصال أوراق الحشائش أو الشجيرات أو أي دعامة وتتعلق بأرجلها مدلاة برأسها لأسفل ويظهر شق في الجلد الظهري خلف الرأس يخرج منه العمر التالي للحورية.
كما سبق القول يبلغ عدد الانسلاخات خمسة وفي حالات نادرة يكون عدد الانسلاخات ستة أو سبعة وقد تكون أربعة فقط. وأغلب الحوريات التي تنسلخ بهذه الأعداد الأخيرة فتكون غالبيتها حشرات كاملة إناث كما أنها غالباً ماتكون في المظهر الانفرادي.
وتكون الحوريات رهيفة عقب الانسلاخ ولكنها سرعان ماتقوى، وتتراوح فترة الصيام قبل وبعد الانسلاخ حسب العمر، وقد قدر متوسطاتها المستر بانيا الباحث الهندي على الوجه الآتي:
العمر الأول 28 ساعة (19 ساعة قبل الانسلاخ و 9 بعده) – العمر الثاني 28 ساعة (20 قبل الانسلاخ و8 بعده) العمر الثالث 32 ساعة (20قبل و12 بعد) – العمر الرابع 34 ساعة (26 قبل و8 بعد) – العمر الخامس 53 ساعة (23 قبل و20 بعد).
وهذا وصف عام للحوريات في أعمارها المختلفة ولكن لابد من التنويه أن درجة الحرارة والتوزيع الضوئي بالبيئة فضلاً عن الكثافة العددية ونوع الغذاء له تأثيره على تركيز اللون في الحوريات، ويزداد اللون الأسود على درجات الحرارة المنخفضة ويكون تركيزه أقل في درجات الحرارة العالية ، وقد وجدت حوريات تربت في الضوء على 40م° يكاد يختفي اللون الأسود منها تماماً.
وفيما يتعلق بالشرائط البنية الطولية الموجودة في الأعين المركبة فكل عمر من أعمار الحوريات يقابله شريط في العين بمعنى أن العين المركبة في العمر الأول بها شريط واحد وفي العمر الثاني شريطان وهكذا حتى تصبح ستة شرائط في الحشرة الكاملة. وفي الحالات التي يحدث بها انسلاخ زيادة عن الخمسة يقابله شريط زائد في العين حيث تصبح للحشرة الكاملة سبعة أو ثمانية شرائط في العين.
وقد يزيد شريط في بعض الحالات (حوالي 25% من حالات الزيادة) دون انسلاخ زائد عن الطبيعي والذي يحدث أنه عند الوصول إلى عمر الحورية الثالث يزيد شريطان في العين بدلاً من شريط واحد ويصبح عدد الشرائط في هذا العمر وفي هذه الحالات أربعة بدلاً من شريط واحد ويصبح عدد الشرائط في هذا العمر وفي هذه الحالات أربعة بدلاً من ثلاثة وتستمر الزيادة بعد بشريط لكل عمر.
والفترة التي يستغرقها طور الحورية بجميع أعمارها تختلف حسب عوامل كثيرة أهمها الحرارة ومنها الفترة الضوئية خلال النهار وكذلك الغذاء بالنسبة للحرارة وجد أنها تستغرق 28-30 يوماً في المتوسط خلال أشهر الصيف على السهول الساحلية بالبحر الأحمر و35-50 يوم في المتوسط في الجو البارد نسبياً بالمناطق الشمالية وفي أفريقيا على حرارات تراوحت بين 17-36 م° نهاراً استغرقت الحوريات حوالي 37 يوماً للوصول إلى الحشرة الكاملة ( خمسة أيام للعمر الأول، 6 للعمر الثاني، 7 للعمر الثالث، 8 للرابع 11-12 للعمر الخامس).
ولما كانت الاختلافات بين المظهرين المتطرفين (الانفرادي والتجمعي) في الجراد ليست اختلافات مورفولوجية وإنما بيولوجية أيضاً فإن الملاحظ أن الحوريات التجمعية أسرع نسبياً في دورة حياتها من الانفرادية.
ثالثاً: طور الحشرة الكاملة:
بعد آخر انسلاخ للحوريات تخرج الحشرة الكاملة ويطلق عليها في هذا الوقت حديثة التجنح وهي تسمية تطلق عليها في الفترة بعد الانسلاخ وقبل الطيران وعقب الانسلاخ تكون الأجنحة مثناة وملتوية ورهيفة ولكنها سرعان ماتنفرد باندفاع الدم إليها وتأخذ شكلها الطبيعي وبعدها تنطوي الأجنحة الخلفية تحت الأمامية، وبعد يوم أو يومين تصبح الحشرة قادرة على الطيران القصير.
والحشرة الكاملة في مظهرها المهاجر لونها قرمزي فاتح (أحمر قاني) يتحول بالتدريج إلى الأحمر وتختلف دكنة اللون حسب الحرارة التي عاشت عليها الحشرات الأجنحة الأمامية تمتد أطول من البطن وعليها بقع مربعة وحواف أدكن. الذكور أصغر حجماً من الإناث وطول الحشرات يتراوح حول 46-60 مم عقل قرن الاستشعار 26 عقلة وقد تزيد إلى 30 في المظهر الانفرادي. الإناث تتميز عن الذكور فضلاً عن كبر حجمها بأن لها زوجين من الصمامات على شكل الخطافات في نهاية البطن. وهذه الصمامات قصيرة قوية مقوسة قليلاً نهايتها سوداء وهذه هي آلة وضع البيض التي تستعمل في الحفر كما أسلفنا. بعد فترة تختلف حسب الحرارة والرطوبة والغذاء وتتراوح بين أسابيع قليلة أو أشهر تنضج الحشرات جنسياً وغالباً يكون نضج الذكور قبل الإناث ويحل اللون الأصفر محل اللون الأحمر وفي الذكر يكون الأصفر عاماً وفاقعاً بينما يكون اللون الأصفر في الإناث غير عام وظاهر عند قواعد الأجنحة وسوق الأرجل الخلفية وقمة الرأس وتكون البطن في الأنثى قشيبة اللون، وعندما يصل البيض في المبيض إلى منتصف مرحلة تكوينه تكبر بطن الأنثى في الحجم وتنتفخ بطنها كلما تقدم البيض في النمو.
والفترة بين تغيير اللون حتى تكوين بيض تام النمو في مبايض الأنثى ربما تستغرق حوالي الأسبوع في المتوسطة ويكون طول البيضة بعدها حوالي 7 مم.
ويختلف طول الفترة التي تنقضي بين ظهور الحشرة الكاملة ونضجها الجنسي حيث تتوقف على العوامل البيئية وخاصة الحرارة والضوء والرطوبة النسبية والكثافة العددية للحشرات (النشاط) على نوع الغذاء التي تغذت عليه الحشرات، وفي الطبيعة تراوحت فترة النضج الجنسي بين ستة أسابيع إلى خمسة أشهر حسب العوامل السابقة وخاصة درجة الحرارة.
رابعاً: التزاوج :
يبدأ في أعقاب النضج الجنسي يمسك الذكر الأنثى بعد اعتلائها بالزوجين الأماميين من الأرجل فيمسك الزوج الأمامي البرونوتم بحيث يكون الرسغان عند الحافة السفلية له والزوج الوسطى من الأرجل يمسك الحلقة الصدرية الوسطى أو الأخيرة وتكون الأرجل الخلفية مرفوعة لأعلى وتهتز من آن لآخر. يخفض الذكر بطنه ويلفها جانباً حتى تتلاقى نهايتها مع نهاية بطن الأنثى, تدخل الحيوانات المنوية في الأنثى وتخزن بها في مخزن خاص ويتم إخصاب البيض أثناء خروجه من بطن الأنثى وقد تلقح هذه الحيوانات كتلة واحدة من البيض أو أكثر والمعدل العادي لفترة التزاوج بين ساعتين وست ساعات، وإذا بدأت العملية بعد الظهر فإنها قد تستمر أحياناً خلال الليل إلى اليوم التالي مستغرقة حوالي 14-16 ساعة وفي بعض الحالات تقصر الفترة إلى دقائق قليلة وفي حالات أخرى تطول إلى 24 ساعة.
وقد تتم العملية عدة مرات قبل أي وضع للبيض، والأفراد المتزاوجة أقل في استجابتها للمؤثرات الخارجية أي أنها لاتنزعج بسهولة وقليلة الحركة، وقد يساعد ذلك على سهولة إبادتها ويمكن للذكر أن يلقح جملة إناث خلال حياته كما أن الأنثى قد يلقحها أكثر من ذكر واحد والفترة بين وضع كتلة البيض والتزاوج التالي يوم أو يومان ولكنه أحياناً يحدث بعد الوضع بنصف ساعة أو أكثر وكثيراً ما يشاهد بيض والذكر مايزال يعلو الأنثى.
والعمر الكلي للحشرة الكاملة ( قبل النضج الجنسي وبعده) متوقف على طول الفترة اللازمة للنضج الجنسي والتي تتوقف بدورها على درجة الحرارة والعوامل الأخرى التي سبق الإشارة إليها، وهو يتراوح عادة بين شهرين وأربعة أشهر ، وقد تقصر الفترة عن ذلك المعدل وقد تطول إلى سبعة شهور، وقد لوحظ أن الذكور تعيش أكثر من الإناث بحيث أنه في نهاية عمر السرب تكون غالبيته ذكور.