الأسس الفيزيولوجية لعملية التكاثر عند الحيوانات:
إن الحالة الوظيفية للأجهزة التناسلية عند الحيوانات لها علاقة وارتباط وثيق بنوع وعمر الحيوان، وذلك بالنسبة لشروط البقاء والتعايش من عوامل أخرى مختلفة.
إن الوظيفة الأساسية للأجهزة التناسلية عند الحيوانات هي إنتاج المواليد، كما أن التغيرات في بنيتها الوظيفية تتمثل بالاتجاهات الرئيسية التالية:
1- تشكل ونضوج وإفراز الخلية الأنثوية التناسلية (البويضة) والتي تتكون وتؤدي عملها الوظيفي بعد الوصول إلى سن البلوغ الجنسي، حيث تفرز بشكل دوري من المبايض (الوظيفة الإنتاجية للمبايض).
2- تشكل وإفراز الهرمونات التناسلية الأنثوية من الحويصل الناضج، من الجسم الأصفر والمشيمة (الوظيفة الهرمونية للأعضاء التناسلية الأنثوية).
3- تخزين الحيوانات المنوية والبويضة حتى فترة التقائهما التلقيح فيما بينهما.
4- التغيرات المورفولوجية والوظيفية في الرحم والأوعية الناقلة للبويضة نتيجة لهذه التغيرات يتم تلقيح البويضة وتعشيشها كبداية لنمو الجنين.
5- تشكل الأغشية المحيطة بالجنين، المشيمة وتغذية الجنين النامي في الرحم.
6- المشاركة في عملية الولادة وخروج الجنين ومن ثم المشيمة,
إن وظيفة الأجهزة التناسلية مرتبطة ببعض التغيرات الوظيفية والمورفولوجية للجسم وأنه خلال بداية وسير وايقاف (انطفاء) الوظيفة التكاثرية للجهاز التناسلي على مدى فترة عمر الحيوان، يشاهد المراحل التالية:
أ- النضج الجنسي (المراهقة)
ب-عمر التكاثر (الإنتاج).
ت-النضوج الجسمي
ث-فترة القدرة على الإخصاب
ج- فترة استخدام الحيوان للتكاثر والإنتاج
ح- ايقاف (انطفاء) الوظيفة التكاثرية والإنتاجية أو مايسمى بسن اليأس.
خ- الفترة غير المخصبة.
النضوج الجنسي (التناسلي):
إن الفترة التي تبدأ فيها الأعضاء التناسلية وظيفتها وظهور أول دورة شبق تسمى هذه الفترة بالنضوج الجنسي (النضوج التناسلي). تظهر هذه الفترة قبل انتهاء نمو الجسم الكامل، وتتصف بتغيرات مورفولوجية ووظيفية عديدة في جسم الحيوان وخاصة في الجهاز التناسلي الأنثوي. ففي المبايض تبدأ عملية تشكل حويصل أو عدة حويصلات وذلك حسب نوع الحيوان فهل هو من الحيوانات ذات الإنجاب لمولود واحد أو لعدة مواليد دفعة واحدة، فالرحم الذي له وزن خفيف وقياس صغير حتى سن البلوغ، ينمو ويزداد حجمه، عنق الرحم يتشكل وينمو ليصبح بشكل جيد، غشاء الرحم وعضلاته تزداد وتكبر، الضرع ينمو ويصبح له شكل معين، ففي أول دورة شبق للحيوان تعطى قوة دفع للتغيرات الأولية في الضرع والتي بدورها تجعله ينمو ويزداد حجمه، في دورة الشبق الثانية، تظهر العلائم التناسلية الثانوية والتي تكون المؤشر الحقيقي لبلوغ النضوج التناسلي.
فمثلاً عند البقرة تتكون وتظهر العلائم الأنثوية الخاصة (شكل الرأس، نعومة الهيكل العظمي، العضلات أضعف مما هي عند الذكر، نعومة الجلد..) كما تظهر بعض التغيرات في حركة الحيوان والتي تبدو ظاهرة بشكل جيد أثناء دورة الشبق.
بدء النضوج الجنسي عند الحيوانات:
· الفرس من 18-20 شهر
· البقرة من 8-12 شهر عند العروق ذات النضج المبكر من 8-9 أشهر وأما عند العروق متأخرة النضج من 14-18 شهر.
· الغنمة من 7-8 شهر
· الماعز من 5-6 أشهر
· الخنازير من 7-8 أشهر (عند الأنواع البرية من 12-14 شهر).
ماهي العوامل التي تؤثر على ظهور النضوج الجنسي: إن ظهور النضوج الجنسي يمكن أن يكون سريعاً أو بطيئاً وذلك تحت تأثير عوامل مختلفة أهمها:
1- نوع الحيوان: عادة كلما كانت حياة الحيوان أقصر كلما أظهر النضوج الجنسي أبكر، ومثال على ذلك عند الماعز فيحدث عندها النضوج الجنسي بين الشهر الخامس والسادس، وعند الفرس في سن الـ18 شهر وأما عند الفأرة فبعمر شهرين.
لكن النضوج الجنسي لايعتبر ذو نوعية محددة ومطلقة مائة بالمائة حسب نوع الحيوان.
2- عرق الحيوان: بعض العروق الحيوانية يظهر لديها النضوج الجنسي مبكراً والبعض الآخر من نفس العرق يتأخر، وبناء على هذه العلاقة فإنه يمكن أن نميز عروق سريعة النضوج الجنسي وأخرى متأخرة وهذا نتيجة للتأثيرات البيئية المحيطة بالحيوان ، ومن خلال تحسين الشروط البيئية يمكن أن نصل إلى نمو وتطور سريع للجسم، نمو وتطور سريع للحويصل في المبايض وهذا بدوره يسرع في عملية ظهور دورة الشبق.
3- نظام التغذية: وهو شرط هام والذي بدوره يسرع أو يبطئ عملية ظهور دورة الشبق عند الحيوانات من العرق الواحد وموضوعات في أنظمة مختلفة للتغذية، فمثلاً يظهر النضوج الجنسي مبكراً عند الحيوانات التي يكون مؤمن لها تغذية جيدة ومتنوعة وبكمية كافية ويعزى التأثير الأكبر لظهور دورة الشبق للمواد البروتينية ( خاصة بعض الأحماض الأمينية) الفيتامينات والأملاح المعدنية النادرة وغير النادرة.
وكثيراً مايلاحظ عند الأغنام التي يكون مؤمن لها علف كامل القيم الغذائية وجيد النوعية ظهور دورة الشبق لديها مبكرة في الشهر الخامس والسادس.
4- الشروط المناخية: وكذلك بدورها تؤثر على ظهور أول دورة شبق وبالتالي على النضوج الجنسي فمثلاً عند الحيوانات الموجودة في المناطق الاستوائية أو شبه الاستوائية والدافئة، فإن دورة الشبق تظهر عندها أبكر مما هو عند الحيوانات الموجودة في المناطق الشمالية من القطب أو الباردة.
5- التأثير العصبي: وأيضاً لايمكن أن نقلل من دوره على ظهور أول دورة شبق للحيوانات وكذلك في المرات المقبلة.
6- التأثير الهرموني: إن هرمونات الغدة الكظرية تؤثر إيجابياً على ظهور أول دورة شبق فمثلاً عند البدء بإفراز هرمونات من الغدة الكظرية فإننا نشاهد أن دورة الشبق تأتي مبكراً والعكس صحيح وبالتالي نضوجاً جنسياً مبكراً أو متأخراً.
العمر التربوي:
هو الفترة التي تكون فيه الحيوانات قد نمت بشكل جيد وأن تلقيحها أو إخصابها لن يؤثر على نمو جسمها في المستقبل آو على المواليد الناتجة منها. طبيعياً يظهر النضوج الجنسي قبل العمر التربوي في حين أن وزن الجسم يصل إلى 70-75% من وزن الجسم الحيوان البالغ من نفس العرق.
العمر التربوي عند حيوانات المزرعة:
· البكاكير 18-24 شهر
· الفرس 3 سنوات
· الجاموس 2-2.5 سنة
· الأغنام والماعز 1.5
· الخنازير 9-10 أشهر عند الأنواع المحسنة وأما عند الخنازير غير المحسنة من 12-14 شهر.
إن التلقيح المبكر قبل سن البلوغ التربوي والذي يحدث في أكثر الأحيان وخاصة عند البكاكير، الخنازير، والماعز، وذلك من منطلق التربية والتكاثر الصحيح قد يكون له بعض السلبيات منها:
1- جسم الأم بعد الولادة يكون نموه بطيئاً جداً وهناك خطورة أن يبقى غير تام بشكل صحيح.
2- جسم الأم غير التام بشكل صحيح قد يؤثر على إنتاجية وأنواع المواليد.
3- عند بعض الأنواع الحيوانية التي تكون ملقحة مبكراً فإن الحوض الضيق وغير مكتمل النمو بشكل جيد فإن الولادة عندها قد تكون عسرة.
4- وجد بأنه عند بعض البكاكير التي كان نضوجها الجنسي مبكراً وظهرت لديها دورة الشبق وتكرر مجيئها بدون تلقيح أو إخصاب يمكن أن يؤدي ذلك إلى التهاب في الرحم وأحياناً تشكل جسم أصفر دائم والذي بدوره يؤدي إلى العقم.
النضوج الجسمي:
عند النضوج الجسمي يكون الجسم قد انتهى من نموه وأصبح شكله الخارجي مطابق للعرق الذي ينتمي إليه وأن النضوج الجسمي مرتبط بشروط التغذية والتربية وكذلك نوع وعرق الحيوان. بعض الأبقار يكون النضوج الجسمي لديها في سن 4-5 سنوات وأما عند الفرس ففي عمر خمس سنوات، الخنازير من 1.5-2 سنة والأغنام من 2.5-3 سنة وأما الماعز من 2.5-3 سنة والجواميس في عمر خمس سنوات.
فترة إمكانية الإخصاب والاستخدام التربوي:
إن فترة إمكانية الإخصاب تبدأ اعتباراً من النضوج الجنسي ويستمر حتى انطفاء (توقف) وظيفة المبايض (الشكل رقم 1) . أحياناً هذه الفترة عند إناث الحيوانات تستخدم للحصول على مواليد، ومن النظرة التربوية فإن الحيوانات لايجب استخدامها للإنتاج خلال طيلة فترة إمكانية الإخصاب.
تستخدم هذه الحيوانات للتكاثر والإنجاب ليس من بداية وظيفة وعمل المبايض وحتى الانطفاء الكامل (التوقف الدائم) ولكن تستخدم اعتباراً من بداية العمر التربوي وحتى عمر معين قبل سن اليأس. وإن هذه الفترة هي أقصر من فترة إمكانية الإخصاب، وكثيراً من إناث الحيوانات التي تعمر سنين طويلة تستمر مبايضها بإفراز البويضات وبالتالي فإن سن اليأس لم يحدث عندها بعد، لكن مثل هذه الحيوانات لاتكون صالحة للإنتاج والحصول على مواليد ذات نوعية جيدة، وإن استمرارية فترة إمكانية الإخصاب هي مختلفة عند الأنواع والعروق الحيوانية ومرتبطة بالشروط البيئية والتربوية، فعند بعض الأنواع الحيوانية هذه الفترة تكون على الشكل التالي:
· البقرة من 12-16 سنة
· الفرس من 16-20 سنة حسب نوعها وعرقها
· الأغنام من 6-8 سنوات
· الماعز من 8-9 سنة
· الخنازير من 4-5 سنة
وإن هذه الفترة يمكن أن تستمر في حال تحسين الشروط البيئية والتربوية وتغذية هذه الحيوانات.
فترة عدم إمكانية الإخصاب:
تعتبر هذه الفترة التي تكون فيها المبايض متوقفة عن العمل والإفراز للبويضات وتضم مرحلتين الأولى من الولادة وحتى سن النضوج الجنسي والثانية من سن اليأس وحتى موت أو ذبح الحيوان بعد هذه الفترة.
انطفاء وظيفة المبايض (سن اليأس):
في فترة انطفاء وظيفة المبايض (سن اليأس) تتوقف إمكانية الإخصاب ويحدث مايسمى بالعقم المسن (نتيجة تقدم العمر) عند إناث الحيوانات، إن توقف وظيفة المبايض والأعضاء التناسلية الأخرى تنعكس على الحالة العامة للعمليات الاستقلابية في الجسم فعادة بعد سن اليأس يحدث تقدم سريع وقبل الأوان في الشيخوخة ويلاحظ هذا بشكل جيد على الهيكل والمنظر الخارجي للحيوان. لكن هناك قسم صغير من الحيوانات تعيش حتى فترة موتها الطبيعي، عادة الحيوانات المنتجة والطلائق ( أبقار، أغنام، ماعز، خنازير) مع الأخذ بعين الاعتبار فترة الاستخدام التربوي فإنها تستبعد من الإنتاج.
وهنا يمكن الإشارة إلى أن طول العمر الطبيعي للحيوانات أطول مما هو عمر استخدامهم فمثلاً إن طول العمر الطبيعي للثيران هو 18-20 سنة وللأبقار من 30-36 سنة لكن المتبع في الحياة العملية فإن فترة الاستخدام لمثل هذه الحيوانات هي أقصر بكثير من الإمكانية البيولوجية للحياة. وهناك طرق متبعة غير صحيحة في مناطق كثيرة وهي أن الأبقار تستبعد من الإنتاج مبكراً (قبل انتهاء فترة الإنتاج الحقيقي).
لكن الدراسات العلمية في حقل بيولوجيا التكاثر تفيد بأن الاستبعاد المبكر من الإنتاج للثيران، الأبقار وبعض الحيوانات الأخرى وذلك في بداية فترة استخدامهم التربوي هو ضرر وخسارة اقتصادية لمربي الحيوان.
وهنا يمكن الإشارة إلى أنه عند التقدم في السن عند الحيوانات وذلك في فترة الانطفاء الوظيفي التدريجي للأعضاء والغدد التناسلية فإنه يلاحظ أيضاً تغير في العمل الوظيفي للجملة العصبية، هذه التغيرات تحدث تدريجياً وبوقت واحد مع التغيرات للوظائف والأجهزة والأعضاء المتعددة من الجسم وهذا هو الفرق بين هذه التغيرات، والتغيرات الفجائية التي تحدث بعد الخصي أو نزع المبايض.