القراءة المسيحية للتاريخ
- إن هذه القراءة كانت قراءة غائية ذات هدف مستقلبي .
- إن الإنسان من وجهة النظر المسيحية يحمل ذنب الخطيئة الأولى في حياته الدنيا , وهي مرحلة وسطى ينبغي أن يسعى الإنسان أثناءها لتحقيق الخلاص .
- الحياة مرحلة تتوسط مجيء المسيح ( الأول) وحادثة الصلب , و مجيئه ( الثاني) في آخر الزمان لتدمير مملكة الشر, والقضاء على الدجال , وإقامة مملكة الرب التي ستضم كل المؤمنين .
- لقد جاء المسيح لخلاص البشرية , وتجسد بشراً بإرادته و رضي لنفسه بالصلب وفداء البشرية .
- على المؤمنين به أن يتبعوا نهجه في التضحية بالجسد والمادة وصولاً إلى الخلاص والسعادة الروحية .
- إن هذه القراءة المسيحية ترى أن تاريخ البشرية قبل المسح كان تمهيداً لقدومه , وأن تاريخ البشرية بعده سعي للخلاص وانتظار لقدومه الثاني .
- القراءة المسيحية ترى في التاريخ كتاباً كتب الرب فصوله وليس للإنسان أي دور إيجابي فيه , وعليه انتظار ما تسفر عنه إرادة الرب ., ظهر هذا الاتجاه منذ البداية , ظهر ذلك جلياً في كتابات ( أيوزيبيوس)أسقف قيصرية و (أوغسطين) معلم المسيحية الكاثوليكية , ثم رسخ في كتابات مؤرخي العصور الوسطى في أوربا .
تميزت كتابات ( أوغسطين) [354-430م] و يعتبر المعلم الأول للكنسية الكاثوليكية :
1- في سياق دفاعه عن المسيحية إزاء الهجوم الذي شنه العلماء الوثنيون عليها وضع خطوط فكرة التاريخ الكاثوليكية.
2- وضع التقسيم الزمني لتاريخ العالم من وجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية .
3- قسم أوغسطين تاريخ العالم إلى ستة عصور قياساً على الأيام التي خلق الله العالم فيها .
في كتاب( مدينة الله) لأوغسطين :
- سادت القراءة المسيحية لتاريخ العالم بشكل جعل مؤرخي العصور الوسطى في أوربا يخضعون لها تماماً في كتاباتهم .
- يرزحون تحت وطأة صورة قاتمة للتاريخ الإنساني , الذي يبدأ بالخطيئة الكبرى , والطرد من الجنة ويستمر في الحياة الدنيا في المأساة المستمرة التي تنتهي بالخلاص على النمط الذي حدده المسيح .
- المسيح ضحّى بجسده ليكون فادياً ومخلّصاً للبشرية .
سيطرة القراءة الكاثوليكية :
- سيطرت على مؤرخي العصور الوسطى الذين وجهوا طاقاتهم صوب كتابة نمط من الكتابات التاريخية ممكن أن نسميه ( التاريخ المعاصر ) .
- حاولوا قولبة تلك الأحداث داخل القراءة الكاثوليكية للأحداث
والنتيجة أنهم لم يدوّنوا الحوادث التاريخية كما جرت بالفعل كان ينبغي لها أن تحدث لكي توافق القراءة الدينية لها .
- في سبيل ذلك ضحوّا بالأحداث التاريخية الوضعية في لرسم النموذج الكاثوليكي للتاريخ .
- لم يكن ذلك ناتجاً عن جهلهم بالأحداث , وإنما قولبة التاريخ ليدخل ضمن القراءة الكاثوليكية .
فكرة الكاثوليكية للتاريخ :
تقوم على أساس أن الناس في التاريخ يخضعون لسلطة أعلى منهم وحركتهم في التاريخ ليست سوى تنفيذ للإرادة الإلهية التي وضعت بداية ونهاية التاريخ .
كَتَبَةُ التاريخ :
في أوروبا الكاثوليكية في العصور الوسطى كان الرهبان ورجال الكنيسة من أبرز القيادات في الحياة الفكرية والثقافية عموماً وبذلك كتب عدد منهم الحوادث التاريخية والمؤلفات التاريخية وكانت القرون المبكرة من العصور الوسطى فترة تدهور واضمحلال في مجال الكتابة التاريخية وفهم حركة التاريخ
- ومن ثم جاءت القراءة الكاثوليكية لتاريخ الإنسانية حبلى بالعناصر الغيبية التي أوكلوا إليها الدور الحقيقي في توجيه أحداث التاريخ
- كذلك كانت الدعاية للملوك الذين ناصروا الكنيسة , فإن كان الملك من أنصار الكنيسة نجد صورته في الكتابات التاريخية تقليداً واضحاً كما في كتاب( حياة قسطنطين ) الذي وضعه أيوزيبيوس لتمجيد الإمبراطور الذي ناصر الكنيسة المسيحية ونصرها .
- إذا كان الملك من أعداء الكنيسة فإن المؤلف يجعله فريسة لكل الشرور التي يصبّها الرب على أعداء الكنيسة .
عيوب القراءة الكاثوليكية للتاريخ :
- في العصور الوسطى في أوروبا كانت قلة وسائل البحث وغياب الوعي والإيمان الأعمى بروايات شهود العيان , كذلك تضمنت عناصر غيبية اعتقد كاتبوها أنها من وسائط السببية في الظاهرة التاريخية .
- لكن من العدل أن نشير , إلى أن هذه العيوب كانت نتاجاً لظروف المجتمع الأوروبي آنذاك , فقد انحصر التعليم في الأديرة ويكاد أن يكون مطلقاً في ذلك .
- من هنا كانت انحيازات الرهبان الدينية وراء هذا القصور الواضح في قراءاتهم للتاريخ , وهنا نتوقف أمام الحقيقة القاتلة , بأن مؤلفات التراث التاريخي الأوروبي في العصور الوسطى كان من نتاج الأديرة ....