عبدالقادر حلمي: ثعلب لغز في ملفات المخابرات العامة
مسجون حاليا في معتقل أمريكي منذ أكثر من عشرين عاما
كتبه : حسام عبد الحكم
تفوق علي رأفت الهجان في عمليات خطيرة في قلب أمريكا بطل عملية الكوندور الشهيرة التي غيرت خريطة الأمن القومي في الشرق الأوسط اقترب من المشير أبوغزالة في أوقات حرجة وشارك في تطوير الصواريخ اليابسة قليلون هم الذين يعرفون عبدالقادر حلمي الرجل المهم والثعلب اللغز في ملفات المخابرات والمعتقل حاليا في سجون أمريكا منذ 23 سنة مضت وكثيرون الذين يرفعون القبعة تقديرا لـ حلمي في سلاح هندسة الصواريخ بالجيش المصري. ملفه ثري بالإنجازات والمهام والعمليات الخطرة والوطنية،
هناك وسط الأشواك في قلب الولايات المتحدة الأمريكية. أخطر عملياته: >الكوندور< التي غيرت كثيرا خريطة الأمن القومي في الشرق الأوسط وأشهر إنجازاته: مهمة ضرب صواريخ إسرائيلية وإبطال مفعولها في أوقات حرجة تلت وسبقت حرب النصر أكتوبر 73
عبد القادر حلمى حمل الجنسية الأمريكية وكان يعمل في شركة >تيليدين< الدفاعية ويحمل تصريحا أمنيا سريا من الحكومة الأمريكية كأحد العلماء القادرين علي الاطلاع بالبرامج الدفاعية الأمريكية العالية السرية. وافق علي مساعدة مصر في الحصول علي نسخ من تصميمات ومخطاطات براءات اختراع عن قنابل التفجير الغازي الامريكية المعروفة اختصارا بـ FAE هي قنابل نووية تكتيكية صغيرة ضمن عائلة القنابل الأرتجاجية تماثل في قدرة تدميرها القنابل النووية التكتيكية تم استخدامها في العراق وظن الكثير أن الأمريكيين يستخدمون قنابل نووية
وقد استقال حلمى من القوات المسلحة في 1975 وتم الدفع به لمصنع قادر لمدة 3 سنوات ثم تم زرعه في كندا ومنها انتقل الى الولايات المتحدة وساهم في أوائل الثمانينيات في اعادة تصميم محركات الدفع النفاث باستخدام الوقود الصلب للتغلب على مشكلة خزانات وقود مكوك الفضاء ديسكفري لمنع تعرضه للانفجار مثل تشالنجر وتمكن عبد القادر حلمى من الوصول الى العمل في البنتاجون وأصبح اهم خبير صواريخ هناك ودعم مصر بنسخة من كل ابحاث الصواريخ الباليستية بالتعاون من اللواء أحمد حسام خيرت الملحق العسكري المصري في سالزبورج
النمسا وسقط في ايد المخابرات الامريكية بعد قيامه بتهريب عدة أطنان من خام الكربون الاسود المعالج مع طريقة معالجته وهو مادة خاصة جدا تستخدم فى طلاء الصواريخ الباليستية مما يؤدى الى حجب رؤيتها عن أجهزة الرادار ويقلل احتكاكها بالغلاف الجوى بنسبة 20% وبالتالي رفع المدي القتالي للصواريخ المصرية البالستية من 1850 كيلو مترا إلى2000 كيلو متر
تم استرداد احمد حسام خيرت بعملية بطولية دارت في وسط وغرب اوروبا وأنقذ هو اسرته من الاغتيال بعد حرب مخابراتية استهدفت طواقم دبلوماسية كاملة منها سفيرة مصر في النمسا وملحقنا التجاري هناك وبعض المعدات مثل مدفع عملاق صودر في بريطانيا وقيل وقتها انه كان متجها الى العراق وسقط عبد القادر حلمي وشريكه جيمس هوفمان وشبكة معلوماته بالكامل في يد السي اي ايه وحوكم وادين ومنع من مغادرة أمريكا. عملية الكوندور التي أدارها عبد القادر حلمي وحسام خيرت غيرت مسار الدرع الصاروخية المصرية وحولت أنظمة الردع الصاروخية الاسرائيلية حيتس والامريكية باتريوت لألعاب أطفال وكانت أهم أسباب استهداف أمريكا للعراق لأنها كانت الممول
وكانت مصر تساهم بالتكنولوجيا والارجنتين بالتصميم وانتهت باسقاط الرئيس الأرجنتينى من أصل سورى كارلوس منعم والرئيس العراقى الشهيد صدام حسين والاطاحة بالمشير ابو غزاله وظلت تداعياتها مستمرة حتى عام 2003. أما خطة تطوير الأسلحة الباليستية المصرية فنتعرف على تفاصيلها بشهادة شاهد من أهلهم وهو أوين سيريس المؤلف الأمريكى والمحلل في وكالة المخابرات العسكرية الأمريكية ، الذى يعرف من أين يوثق معلوماته التى يكتبها والذى يحكي فى أحد كتبه ماضى وحاضر ومستقبل البرنامج الصاروخى لمصر عن خطة سعي مصر لتطوير الصوار يخ الباليستية، أثناء فترة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى السابق والولايات المتحدة الامريكية
إضافة إلي معلومات تحليلية واضحة، ومفصلة، عن برامج الصواريخ المصرية في عهد الرؤساء الثلاثة عبد الناصر، والسادات ومبارك. المعلومات التى أوردها الكاتب تظهر بعض الحقائق المعروفة منذ زمن وتضيف بريقا خاصا علي زعامة عبدالناصر، ورغبته في صناعة صورة جديدة للقومية العربية من خلال الفصول المصرية فى الكتاب والتى تظهر اللحظات التي شعرت فيها أمريكا حقا بالخوف من القدرات العسكرية المصرية.. وكيف بذلت كل جهودها لتحجيم تلك القدرات
يقول اوين سيريس إن بداية مشروع صواريخ الكوندور المصري كانت بداية حلقة الاتصالات بين كل من مصر والعراق والارجنتين وكان الاتفاق حول برنامج الصواريخ طبقا لمـا أعلنه أوين سيرس المحلل بوكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية فى كتابه ماضى وحاضر ومستقبل البرنامج الصاروخى لمصر أن تقوم العراق بالدور التمويلى للبرنامج وتقوم الأرجنتين بالدعم التكنولوجي من خلال شبكة علاقاتها المتعددة مع الأوروبيين ، أما مصر فتتكفل بالدعم الفنى من خلال تقديم الكوادر الفنية العالية التقنية من أبنائها للمشرو
وكان أبو غزالة الأب الروحى للبرنامج . وعليه بدأ التخطيط الفعلي لبرنامج صواريخ الكوندور المتوسط والبعيد المدى فى منتصف عام 1986. وقام العالم المصرى الأصل والأمريكى الجنسية الدكتور عبد القادر حلمى بتوفير معلومات خطيرة مهمة للغاية حول تكنولوجيا التوجيه الداخلى لتلك الصواريخ وهو الأمر الذى شكل أهمية فارقة فى تكنولوجيا بناء تلك النوعية من الصواريخ . بالإضافة إلى ماقدمه للعلماء المصريين القائمين ببناء الكوندور من معلومات مهمة للغاية حول الكربون المستخدم فى حماية معدات الصاروخ أثناء عملية الإطلاق
، علاوة على تقديمه البرامج والتصميمات المتطورة للصواريخ الأمريكية وهو ما أكده سيرس فى كتابه عن نجاح العالم عبد القادر فى الحصول على معلومات هامة من صديق أمريكى له اسمه جيمس هومان . ومع تطور بناء المشروع ، نجح اللواء خيرت فى الاتصال بشركة برامج مختصة بالصواريخ بولاية ألاباما الأمريكية ، لكن الشركة علقت موافقتها على العمل فى المشروع إلا بعد الحصول على موافقة السلطات الأمريكية ، ورغم ذلك كان المشروع الصاروخى يسير بخطوات سريعة للغاية بفضل جهود العالم المصرى الأصل وجهود أبو غزالة كضابط اتصال حيوى فى المشروع
ويعتقد سيرس أن ذلك الجهد من أبو غزالة بلغ حد الإفراط نتيجة حماسته التى تعدت مرحلة الحذر وقد ظهرت معالم نجاح البرنامج فى أولى تجارب الصاروخ الذى بلغ مداه 800 كيلو متر . فى ذلك الوقت كانت المملكة السعودية تسعى لشراء صفقة الصواريخ من طراز css2 وهو ما لفت أنظار الاستخبارات العسكرية الأمريكية والصهيونية إلى سباق التسلح الصاروخى فى منطقة الشرق الأوسط وعندما رفض الطلب السعودى قررت الرياض المشاركة فى المشروع المصرى العراقى الأرجنتينى وعملت على تمويل برنامج الكوندور
. وهنا يزعم سيرس أن السعودية إلتزمت بتوفير المال للبرنامج الذى احتاج في فترة ما إلي ما يقرب من المليار دولار لكي تكتمل إحدي مراحله، حيث وصلت التكلفة النهائية للصاروخ الواحد ما يقرب من 33 مليون دولاروهو مبلغ قد يبدو مرتفعا مقارنة بحالات استخدام الصاروخ، إلا انه يبدو مناسبا جدا عند حساب الثقل السياسي والعسكري لوجود الصاروخ في أي ترسانة بالاضافة إلى اعتبار إيران تشكل خطرا على السعودية وباقى الدول الخليجية الخمس الأخرى. ومع استمرار الخطوات الناجحة للمشروع بدأ الموساد الإسرائيلى محاولاته لتعطيل البرنامج حيث بدأ فى تنفيذ عمليات إرهابية ضد العلماء الفرنسيين والألمان والإيطاليين المشاركين فى برنامج كوندور سواء داخل مصر أو خارجها
ومن هذه العمليات تفجير سيارة فى القاهرة كانت مخصصة لنقل علماء وفنيين مشاركيين فى البرنامج من الألمان والإيطاليين ، ثم تبعها تفجير سيارة فى فرنسا تخص أحد الخبراء الفرنسيين ، واتهمت اوساط الموساط ايران بالعملية، ورغم ذلك ظل المصريون على يقين بتورط الموساد فى هذه التفجيرات التى طالت بعد ذلك مكتب شركة أوروبية تشارك فى البرنامج الصاروخى . بالإضافة إلى تلقى عالم ألمانى كبير تهديدات مباشرة من الموساد الإسرائيلى رصدتها أجهزة الأمن السويسرية وقامت الأخيرة بالقبض على أحد عناصر الموساد المتورطين ووجهت له اتهامات بارتكاب جريمة التعدى على الحياد السويسرى حيث لا تسمح القوانين السويسرية بممارسة أنشطة مخابراتية على أراضيها
وفى بداية عام 1988 بدأت واشنطن فى إجراء تحقيقات فيدرالية حول العالم الأمريكي من أصل مصرى الدكتور عبد القادر حلمى بعد أن حصلت السلطات الأمريكية على معلومات استخباراتية من الموساد الإسرائيلى تفيد بمقابلات حلمى مع المشير أبو غزالة وذلك بعد أن نجح الموساد فى التنصت عليهما بمساعدة أحد العاملين فى فندق شهير كان أبو غزالة يقيم فيه أثناء زيارته لواشنطن حيث قام ذلك العامل بوضع أجهزة تنصت فى أطباق الشوربة الخاصة بأبو غزالة
وفور فتح التحقيقات الأمريكية فى المعلومات الإسرائيلية ، تم الحصول على إذن من محكمة أمريكية بالتنصت على مكالمات العالم عبد القادر حلمى، كانت معلومات الموساد الإسرائيلى قد أشارت إلى قيام دبلوماسى مصرى يسافر باسمى فؤاد محمد وفؤاد الجمل ويلتقى بالدكتور حلمى ويشير سيرس فى كتابه إلى احتمال أن يكون ذلك الدبلوماسى هو نفسه الشخص المسئول عن إدارة مكتب الصواريخ الباليستية فى مصر . وبدأت شائعات تورط أبو غزالة تتسرب للصحف الامريكية ومارست امريكا ضغوط مختلفة على مصر عجلت بزيارة الرئيس السابق مبارك إعادة ثقة واشنطن في مصر خلال رحلته في عام 1989وعبر حينها مبارك انه مصدوم من تلميحات واشنطن بأن مصر متورطة فى السعى لإنتاج أسلحة كيماوية
وركز الرئيس علي عدم امتلاك مصر لأسلحة كيماوية وتمت الاطاحة بأبو غزالة وتوليه منصب مساعدا للرئيس علي الرغم بسبب الربط الحرج بينه ومشروع الصواريخ وبسبب شعبيته الواسعة بين صفوف الجيش، ومع الجماهير.. لكن.. في كل الحالات، وبعد إزاحة خطر أبو غزالة المحتمل عن الطريق، استطاع مبارك تدعيم سلطته، والقاء قضية عبد القادر حلمي وراء ظهره والاعلان عن انتهاء البرنامج الصاروخي المصري ولكن هذا ما تم تكذيبه بعد ذلك حيث إن المخابرات الغربية والأمريكية قالت إنه تزال ترصد شحنات معدات ومواد ولقائات كورية مصرية وشحنات تم تهريبها بواسطة المخابرات المصرية آخرها عام 2002 التي تم اختفاءها في اليابان ولم تستطيع المخابرات الغربية ايقافها
وتواصلت التحقيقات الامريكية ، حتى أصدر القضاة الامريكيون في 6 ديسمبر عام 1989حكما بحبس عبد القادر حلمي 46 شهرا في السجن، وتغريمه 359 ألف دولار ومصادرة نصف مليون دولار حصل عليها من صفقاته غير القانونية مع المصريين -حسب زعمهم- بعد أتهام السفارة المصرية باستخدام سيارتها وموظفيها وطائرات دبلوماسييها ومبانيها لنقل مواد كربونية وبعد ضبط الأفراد والشحنه في الطائره العسكرية c-130 المصرية
وقالت المحكمة أنه في 19 مارس قام دوبلامسي مصري اسمه محمد فؤاد محمد من القاهرة الي الولايات المتحدة وفي 23 مارس قام الدبلوماسي المصري مع العالم عبد القادر حلمي بالطيران مع صندوقين زنه كل منها 200 رطل بالقياسات الانجليزية وتم وضع الشحنة في سيارة ديبلوماسية من السفارة وارسلها لمبني تابع للسفارة ثم شحنها الي المطار بسيارة ديبلوماسية مصرية إلي طائرة c-130 عسكرية مصرية
وفي عام 1988م تقاضي العالم عبد القادر حلمي مبلغ 1 مليون دولار عبر بنوك سويسرا من الحكومة المصرية أما عن الدور الذى لعبه المشير الراحل محمد عبد الحليم أبو غزالة فخلال توليه الوزارة نجح فى تزويد الجيش المصرى بخبرات وأسلحة أمريكية إلى جانب الخبرات والأسلحة السوفيتية ، وهو الأمر الذى ساعد فى إيجاد جيل من القادة متنوعي الخبرات والقدرات وكان أبو غزالة لا يتحرك فى إتجاه واحد، فقد حاول الاستفادة من خبرات الجيش الأمريكي فى بداية مشروعه الطموح نحو بناء نهضة مصر عبر قواتها المسلحة ،
لذلك تحرك على كافة الأصعدة لتعمير وزراعة الصحارى وإقامة المزارع ومحطات تسمين الطيور والحيوانات وإنشاء الطرق والكباري وصناعة الأجهزة الكهربائية والمنزلية، وهكذا تحولت مؤسسة الجيش إلى طاقة مذهلة للإنتاج والتدريب بدلا من استنزاف ميزانية البلاد
كما قدم العديد من المساعدات للجنود وجنود الصف والضباط واهتم بمظهر ومكانة الجندي المصري ومدي أهميته من أجل حماية الوطن. وكان قد بدأ برنامجه الطموح لصناعة الصواريخ طويلة المدى مع العراق والأرجنتين فى بداية الثمانينيات وقبل توليه وزارة الدفاع مباشر
. وهو البرنامج الذى يعتقد البعض أنه كان سببا رئيسا فى إقالته من وزارة الدفاع خاصة بعد أن أدارت إسرائيل حملة إعلامية واسعة النطاق وتحركت معها الأوساط الأمريكية والأوروبية الغربية ضده لذلك لجأت أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية إلى التخلص من أبو غزالة،
والأخير تحديدا وأثناء عمله ملحقا عسكريا بالسفارة المصرية بواشنطن فى الفترة من عام 1976 وحتى عام 1979 أقام علاقات واسعة مع عدد من العلماء المصريين ، ومن بين هؤلاء عالم الصواريخ المصرى الأصل عبد القادر حلمى الذى كان يعمل بوكالة الصواريخ الاستراتيجية الأمريكية والذي نجح فى تطوير المدافع المصرية فى حرب أكتوبر 1973إلى ضعف مداها
فيما استطاع أبو غزالة من خلال خبرته وعلاقاته المتعددة تكوين شبكة اتصالات ضخمة جعلها فى خدمة البرنامج الصاروخى وتولى الإشراف عليها اللواء أحمد حسام الدين خيرت الملحق العسكرى المصرى بمدينة سالزبورج النمساوية والذى لعب دورا محوريا فى برنامج الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى الذى أطلق عليه الكوندور.