رسالة مصرية ثقافية
مرحبا بك أخي الزائر نشكر زيارتك ونتمني انضمامك للمنتدي
زيارتك تسر إدارة المنتدي ومشاركتكك تسعدنا وتساهم معنا بارتفاع الثقافة العامة
بعض المنتديات الفرعية والموضوعات
لا يمكنك الإطلاع عليها إلا بعد التسجيل كعضو في المنتدي
رسالة مصرية ثقافية
مرحبا بك أخي الزائر نشكر زيارتك ونتمني انضمامك للمنتدي
زيارتك تسر إدارة المنتدي ومشاركتكك تسعدنا وتساهم معنا بارتفاع الثقافة العامة
بعض المنتديات الفرعية والموضوعات
لا يمكنك الإطلاع عليها إلا بعد التسجيل كعضو في المنتدي
رسالة مصرية ثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسالة مصرية ثقافية

ثقافية - علمية - دينية - تربوية
 
الرئيسيةرسالة مصريةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Eng. Ahmedzoubaa
Admin
Eng. Ahmedzoubaa


عدد المساهمات : 1216
تاريخ التسجيل : 28/08/2010
العمر : 50

الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم Empty
مُساهمةموضوع: الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم   الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم Emptyالثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 9:14

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

من محبة الله لعباده ورحمته بهم بأن أرشدهم إلى الحقيقة عن طريق الأنبياء والرسل:
أيها الأخوة, ننتقل إلى موضوع جديد من موضوعات العقيدة التي يجب أن يؤمن بها الإنسان هو الإيمان بالأنبياء والرسل, قبل أن نخوض في هذا الموضوع هناك فكرة بسيطة, إذا كنت في طريق ما، ورأيت إنساناً كفيف البصر, وأمامه حفرةٌ كبيرة ماذا تفعل ؟ بدافع من رحمتك، وبدافع من حرصك، ألا تذكره ؟ ألا تحذره ؟ كل ما في الأمر أن الله سبحانه وتعالى لأنه رحمن رحيم, إذا وجد عباده قد ضّلوا وتاهوا وحاروا وسلكوا طريق شقائهم وهلاكهم، بعث إليهم بأنبيائه ورسله ليحذروهم وينذروهم قال تعالى:

﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

( سورة الأعراف الآية: 180)

لأن أسماءه حسنى وصفاته فضلى لا يمكن أن يدع عباده من دون توجيه، ومن دون تحذير، ومن دون لفت نظر، فالأنبياء والرسل رحمة من الله سبحانه وتعالى، تحذير وتبشير وتوضيح وبيانٌ للحقيقة, ففي صفة عقيدة المؤمنين قال الله تعالى في سورة البقرة:
﴿آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾

( سورة البقرة الآية: 285)

يأمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ويأمرنا معه فيقول في سورة آل عمران:
﴿قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾

( سورة آل عمران الآية: 84)

من لوازم الإيمان بالله:

1- الإيمان بالأنبياء والرسل جميعاً:

فمن لوازم الإيمان بالله: الإيمان برسل الله, إذا كنّا نعترف بدولة ما فنعترف بسفيرها, إذا جاء السفير ومعه أوراق اعتماده فلا بد من أن نعترف به, ما دمنا بالأصل معترفين بدولته, فمن لوازم الإيمان بالله الإيمان برسله, والإيمان بالرسل من العقائد التي لو أنكرها الإنسان لكفر, يجب أن تُعلم بالضرورة، ومعرفتها فرض عين وليس فرض كفاية.
ومن مقتضى الإيمان بالله: أن يصدق الإنسان في كل ما يخبرنا الله عنه, هذا يقتضي الإيمان برسله الذين أخبر عنهم في كتابه, يعني إذا أنت آمنت بالقرآن الكريم على أنه كتاب من عند اللـه، يقتضي الإيمان بالقرآن الكريم أن تصدق بكل ما جاء فيه، فأنت لم ترَ سيدنا لوط، ولا سيدنا إبراهيم، ولا سيدنا عيسى، ولا سيدنا موسى، ولكن أخبار هؤلاء الأنبياء الكرام جاءت في القرآن الكريم, وأنت مؤمن بالقرآن الكريم، فإيمانك بالله أولاً، وبكلامه ثانياً، يقتضي أن تؤمن بجميع الرسل والأنبياء الذين أخبر عنهم في القرآن الكريم, ثم إن الإيمان بواحد من الرسل لا ينفك عن الإيمان بجميع الأنبياء والرسل.
عندنا استنباط لطيف جداّ، أن الله عزّ وجل في بعض الآيات يقول:
﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾

(سورة آل عمران الآية: 112)

فهذا المجتمع أو هذه الأمة أو هذه القرية قتلت هذا النبي, فلماذا جعل الله القتل جماعياً ؟ لأنك إذا كفرت بهذا النبي فكأنما كفرت بالأنبياء كلهم, الأنبياء وحدة لا تتجزأ, إما أن تؤمن بهم جميعاً, وإن لم تؤمن بهم جميعاً فكأنك كفرت بهم جميعاً.

2- الإيمان ما جاء به النبي:

من مقتضى الإيمان بالله تصديق المؤَيَديِن بتأييد من عنده, الأنبياء والرسل جاؤوا بمعجزات لا يستطيع عامة البشر أن يفعلوها، وبالبديهة لابد أن يكون هذا الإنسان مبعوثاً من قبل العناية الإلهية, يعني مع النبي آية: إما أن تكون هذه الآية معجزة إعجازاً مادياً كالعصا في يد سيدنا موسى، و كإحياء الموتى على يد سيدنا عيسى، و كالنار لم تحرق سيدنا إبراهيم، وكانقلاب البحر طريقاً يبساً على يد سيدنا موسى, أو إعجازاً بلاغياً تشريعياً كما هي الحال على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فهذا النبي لابد بديهة من أن يكون رسول الله, هذا النبي من عند الله, والدليل أنه فعل شيئاً لا يستطيع بنو البشر أن يفعلوه, فمن لوازم الإيمان بالله: الإيمان برسل الله المؤيدين بالمعجزات الماديـة والمعنوية، هذا التأييد الذي لا يمكن أن يكون من الله تعالى إلاّ لرسله الدالين عليه والمبلغين لشريعته ودينه بصدق.
في نقطة قال تعالى:

﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ﴾

(سورة الكهف الآية: 51)

الله سبحانه وتعالى يستحيل في حقه أن يؤيد الضُلاّل, وأن يؤيد المضلين بمعجزات كمعجزات الأنبياء لو أنه فعل ذلك لضل عباده، فهذه المعجزات ليست من حق عامة الناس بل من حق أنبيائه المصطفين.

معنى النبوة والرسول والفرق بينهما:
1- النبوة لها معنيان في اللغة:

1- النبوة مأخوذة من النبأ:

جاء في النصوص الدينية إطلاق كلمتي النبي والرسول, فماذا تعني كلمة النبي, وماذا تعني كلمة الرسول ؟ في اللغة: النبوة مأخوذة من النبأ قال تعالى:
﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ﴾

(سورة النبأ الآية: 1)

يتساءلون عن النبأ العظيم " النبوة من النبأ " يعني هذا الإنسان اصطفاه الله سبحانه وتعالى و أنبأه بالحقائق فهو ينبئُ الناس بها, فالنبوة مشتقة من فعل " نبأ " أو " أنبأ "، والأصل مأخوذة من النبأ أي الخبر، فالنبي أنبأه الله عن أخبار السماء، وكلفه أن ينبئ الناس عن حقائق التوحيد، وحقائق التشريع فهو نبيّ, فالنبوة بشكل أو بآخر مقام علمي يعني هذا الإنسان باتصاله بالله المستمر بلغ مرتبة النبوة, بمعنى أنه عرف الحقائق المطلقة وعرّفها للناس قال تعالى:
﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ﴾

(سورة النبأ الآية:1-2)

2- مأخوذة من النبوة:

أو مأخوذة من النَبوَة, والنَبوَة أي ما ارتفع من الأرض، كيف ارتفع هذا النبي الكريم ؟ ارتفع عن سائر الخلق وهو في الأفق الأعلى, هو في واد والناس في واد، الناس في همومهم وفي معاشهم وفي خلافاتهم وفي خصوماتهم، وفي جمع الدرهم والدينار، وفي الكسب الحرام، وفي الانغماس بالشهوات، وفي التنافس على حطام الدنيا, والنبي في معرفة الله وفي الإقبال عليه, وفي تعريف الخلق به, وفي خدمة عباده, وفي معرفة ملكوت السموات والأرض، نبأ عليهم بمعنى ارتفع عن مستواهم، ارتفع عن مشاغلهم و اهتماماتهم، وعن حطام الدنيا و شهوات الناس
" عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إلا مَا قُدِّرَ لَهُ "

( أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك في سننه)

فمعنى النبي أنه من النبوة: أي في مستوى سامٍ وراقٍ غير مستوى الناس.

من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره:
ما الذي يشغلك ؟ ما الذي يهمك ؟ ما الذي يعنيك ؟ ما الذي يخطر في بالك إذا فتحت عينيك في الصباح ؟ ما الذي يخطر في بالك, شراء البيت, بيع المحل, الذهاب لهذه النزهة ؟

" عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ قُلْتُ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلا لِشَيْءٍ سَأَلَ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ سَمِعْنَاهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا كُتِبَ لَهُ وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ "

(أخرجه ابن ماجه عن عمر بن سليمان في سننه)

النبي عليه الصلاة والسلام حينما دُعي إلى اللهو واللعب في سن الطفولة, قال صلى الله عليه وسلم:
" لم أُخلق لهذا "

( ورد في الأثر )

الإمام الغزالي رضي الله عنه قال: " إن ساعة واحدة تمضي في غير ما خُلقت له لجدير بك أن تكثر عليها حسرتك يوم القيامة " ساعة واحدة عاش 83 سنة، أمضى ساعة بلا فائدة, لعب فيها بالطاولة, حكى على الناس, ذهب إلى مكان لا يرضي الله, إن ساعة واحدة أمضيتها في غير ما خُلقت له لجدير بك أن تكثر عليها حسرتك يوم القيامة.
أيها الأخوة, لا تكونوا في صفوف الخط العريض من الناس, همهم بطنهم، قبلتهم نساؤهم، دينهم شهواتهم، عقيدتهم العادات والتقاليد, لذلك: أهل الدنيا يُسحقون إذا لاح لهم ما يهدد شهواتهم ونزواتهم ومتعهم الرخيصة, أما أهل الإيمان لا يصعقون إلا إذا خافوا على دينهم.

ينبغي على المسلم أن يأخذ العبر من نبيه و صحبه في شدة حرصهم على دينهم:
سيدنا عمر رضي الله عن عمر, كان إذا أصابته مصيبة قال: " الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذ أُلهمت الصبر عليها ".
( قول مأثور )

قل لي: ماذا يخيفك ؟ ماذا يجزعك ؟ المؤمن يخاف على دينه، يخاف على استقامته، يخاف أن يُجري الله على يده السوء أو الشر، هذا الذي يجزعه وعلى الدنيا السلام.
سيدنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه: دخل عليه أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان قائد الجيوش الإسلامية في الشام دخلوا عليه غرفته، غرفة القيادة فإذا هي غرفة صغيرة عليها جلد غزال, وفي زاويتها قدر ماء غُطي برغيف خبز, وسيف عُلق على حائط الغرفة, فقيل لهذا الصحابي الجليل: ما هذا يا أبو عبيدة ؟ قال: هو للدنيا وعلى الدنيا كثير, ألا يبلغنا المقيل ؟
أروع كلمة تأثرت لها, كلمة الإمام الغزالي " كل مالا يصحبك إلى الآخرة فهو من الدنيا " فاعتنِ بها ما شئت، لابد من أن تتركها, وكلما كانت مزدانة وعريضة وفخمة وراقية، كلما ازدادت حسرتك على فراقها, هـذا النبي العظيم، لماذا استحق أن يكون نبياً ؟ لماذا استحق أن يصطفيه الله سبحانه وتعالى ؟.

هل كان اختيار النبي من دون حكمة وعلم وخبرة ؟
يتهم الناس أنَّ الله عزّ وجل اختص هذا النبي من عامة الناس, إنسان عادي جداً الله عزّ وجل اختصه بالنبوة وانتهى الأمر, إذا أنت معلم ابتدائي، وأردت أن تعين على أربعين طالب عريف ماذا تفعل ؟ تنتقي المجتهد, المتفوق, الأخلاقي شيء بدهي, ورب العزة يصطفي إنساناً من عامة الناس يجعله نبياً ! كلمة اصطفى " نقاه ", من معاني كلمة الاصطفاء: أن الله سبحانه وتعالى جعل النبوة في خير خلقه، جعلها في أشدهم حباً له, في أشدهم طاعة له, في أشدهم ورعاً، في أشدهم تمسكاً, لكن إيّاك أن تفهم أنك إذا بالغت في الورع, وبالغت في الاستقامة, وبالغت في المحبة صرت نبياً, لا, لذلك علماء العقيدة قالوا: النبوة ليست كسبية, وإنما هي هبة من الله سبحانه وتعالى, ولكن هذه الهبة مبنية على علم، وهذا الاصطفاء مبني على علم, لو فرضنا أننا نريد أن نعين لنا سفيراً في بلد أجنبي ما، ألا نختار إنساناً يتقن اللغة الأجنبية معه شهادة عالية ؟ هذا سيمثّل أمة, أمة بأكملها, فحينما تختار الحكومة إنساناً ليكون سفيراً أتختاره من الطريق ؟ هل تضع حاجزاً في الطريق, وتأخذ شخصاً, وتقول له: أنت سفير ؟ فكيف رب العزة ؟

﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾

(سورة البقرة الآية: 132)

هؤلاء مصطفون أخيار, قمم الكمال البشري, أنت تلتقي بإنسان على جانب من الإيمان والورع فتُبهر به فتقول: والله لا مثيل له, فكيف لو التقيت بنبي ؟ " ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً ", النبي الكريم عليه الصلاة والسلام التفت إلى أحد أصحابه فرأى بيده خاتماً من الذهب فأعرض عنه, فمسك الخاتم ورماه في الأرض فقيل له: خذه وبعه فقال: لا والله ما كنت لآخذه بعد أن نهاني عنه النبي, أحبوه محبة فاقت حدّ التصور، أطاعوه طاعة فاقت حدود الخيال, الكمال البشري كله مجموع في النبي, الكمال البشري في العلم، والتواضع, والحلم، والرقة، واللطف، والرحمة، والعطف، والقيام بالحقوق، وأداء الواجبات، كان خلقه القرآن.
أردت من هذا الكلام هو أن اصطفاء الله عبداً من عباده بالوحي إليه, لكن اصطفاء الله على علم، هذا النبي الذي يمثل الحق قال الله تعالى:
﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

(سورة البقرة الآية: 30)

النبي خليفة الله في الأرض، أيكون الخليفة على غير ما ينبغي ؟ مستحيل.



ما هو مقام النبي ومقام المؤمن عند الله ؟
سيدنا أبو بكر رضي الله عنه، كان في الطريق يمشي, فرأى سيدنا حنظلة يبكي قال له: ما لك يا حنظلة تبكي, قال: نافق حنظلة, قال: ولِمَ يا أخي ؟ قال: نكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن والجنة كهاتين, فإذا عافسنا الأهل والولد ننسى, كأنَّ سيدنا حنظلة شعر بنفسه أنه منافق, السبب هو في مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام يكون في غاية السعادة، في غاية الطمأنينة، في غاية الأمل والسرور، قال لي بعضهم: ليس في الأرض من هو أسعد مني إلاّ أن يكون أتقى مني, في هذا المسجد نشعر بالسعادة، بالطمأنينة، بالسرور، الإنسان يذهب إلى بيته فيجد العشاء متأخر، ابنه لم يحضر الخبز قد يغضب, هذه الأحوال الطيبة من السرور والطمأنينة، هذا الإقبال، هذا السمو، وعلى العكس الضعف و قلة الروحانية, فقال كذلك أنا يا أخي أنا مثلك, أما كذلك يا أخي, فانطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, لمّا حدثوه بما جرى قال عليه الصلاة والسلام: " نحن معاشر الأنبياء ( مقام النبوة ) ماذا يعني مقام النبوة ؟

" نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا "

( ورد في الأثر)

" يعني اتصال دائم بالله " أما أنتم يا أخي فساعة وساعة " ساعة إقبال وساعة غفلة، لا تقول: ساعة انقطاع حاشا لله، ساعة إقبال وساعة فتور, ساعة اتصال وساعة انفصال, فكل واحد منا بيعرف مقامه من هذه الطريقة واحد يُصلي خمس أوقات, هناك شخص يضبط معه صلاة الصبح مثلاً, أمّا الظهر خمسون خاطر في الصلاة, لا ينسى الله عزّ وجل, تدمع عينه بين الصلاتين, يفكر بآية كونية، يسمع قرآن, ربنا عزّ وجل وصف المؤمنين بأنهم على صلاتهم دائمون, يعني يغلب عليهم دوام الصلاة, لو أن هذا الدوام أصبح قطعياً لصاروا أنبياء حقاً.
النبي هو الذي لا ينقطع عن الله طرفة عين, لا في نوم, ولا في صحو, لا في ليل, ولا في نهار, لا في شدة ولا في رخاء, لا في غِنى, ولا في فقر, لا في الصحة, ولا في المرض, لا في النصر, ولا في الهزيمة عليه الصلاة والسلام، في أعقاب معركة هوازن هل انقطع عن الله ؟ أبداً، بأعقاب أحد هل انقطع عن الله ؟ أبداً، اتصاله بالله في الطائف كاتصاله بالله في أثناء فتح مكة, وهو في أوج النصر متصل، وهو في أشد الأوضاع حرجاُ متصل هذا النبي, هذا مقام الأنبياء الاتصال الدائم، لماذا اصطفاهم الله عزّ وجل ؟ لأنهم كانوا دائمي الاتصال بالله سبحانه وتعالى، أصبح السبب واضحاً لماذا اصطفاهم ؟ قال تعالى:
﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾

(سورة الدخان الآية: 32)

أصبح السبب واضحاً فنحن ساعة وساعة، أما النبي الكريم لا شيء في الدنيا يشغله عن ذكر الله، وكذلك أصحابه الكرام هم على مستوى رفيع جداً قال تعالى:
﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾

(سورة النور الآية: 37)


2- ما معنى الرسول ؟



الرسول في اللغة: هو التوجيه بأمر ما، فالرسول هو الذي يتابع أخبار الذي بعثه. في الاصطلاح الشرعي: تكليف الله نبياً من أنبيائه لتبليغ شريعته للناس. فكل رسول يجب أن يكون نبياً وليس العكس قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحاً وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾

(سورة آل عمران الآية: 33-34)
هؤلاء الذين اصطفاهم الله عزّ وجل هم من بني البشر من طينة واحدة ولكنهم تفوقوا, لو أن الله سبحانه وتعالى أعطاهم إمكانات خاصة فاقوا بها الناس، لما كان لهم الفضل في تفوقهم, يعني إذا كان طالب أعطيناه الأسئلة, فأخذ علامة تامة, فكان الأول, هل هذه ميزة ؟ أما إذا كان ظرفه مشابهاً لظرف جميع الطلاب لا يعلم الأسئلة, وقد أخذ العلامة المتفوقة هذا تفوق
" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا رَجُلٍ آذَيْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَصَلاةً "

( ورد في الأثر)

أنا من طينتكم, رُكبت فيّ الشهوات التي رُكبت فيكم, لكنه فاق بني البشر, " محمدٌ بشر وليس كالبشر فهو جوهرة والناس كالحجر " قال تعالى:
﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾

( سورة النمل الآية: 59)

كلمة اصطفاء تتكرر في أكثر الآيات, هناك اصطفاء بالنبوة, والآن اصطفاء بالرسالة، والدليل القاطع:
﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

(سورة الأعراف الآية: 144)

الإنسان يأخذ الدكتوراه هذه مرتبة علمية، وأيام يتعين عميد كلية هذه مرتبة إدارية, لكن لا يُعقل أن يكون عميد الكلية إلا أن يكون دكتوراً في الأساس, فالنبوة مقام التلقي، والرسالة مقام الإلقاء, ويبين الله لنا اصطفاؤه الرسل من الملائكة أيضاً, اصطفى الله عزّ وجل من الملائكة رسلاً لإبلاغ الوحي للأنبياء, واصطفى رسلاً من بني البشر لإبلاغ كلامه للناس قال الله:
﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾

( سورة الحج الآية: 75)
ويقول الله تعالى:
﴿وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ﴾

(سورة الأنعام الآية: 124)

في معرض التنديد بأكابر مجرمي القرى، الذين تعنتوا فقالوا: لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله, في الرد هنا دلالة على أن الرسالة لا تكون إلا لمن اصطفاهم الله لحمل رسالته:
﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾

(سورة الزخرف الآية: 31)
[ رجلٍ القريتين ] وهو من الأغنياء و من الوجهاء هذا من اختصاص الله سبحانه وتعالى, هو الذي يختار لأنه يعلم ما عند العباد من صدق في الإقبال، ومن استقامة في المعاملة، ومن حبٍ، ومن ولاء, ومن اهتمام.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://resalahmasriyah.mam9.com
Eng. Ahmedzoubaa
Admin
Eng. Ahmedzoubaa


عدد المساهمات : 1216
تاريخ التسجيل : 28/08/2010
العمر : 50

الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم   الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم Emptyالثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 9:15

استنباطات نستنبطها من كتاب الله تتعلق بالإيمان بالرسل:

1- أن كلاً من النبوة والرسالة فيض إلهي واصطفاء رباني:
كان الدرس الماضي متعلقاً بوجوب الإيمان بالأنبياء والرسل، وبيّنا كيف أن الإيمان بالرسل وبالأنبياء من أركان العقيدة ؟ وكيف أنّ الإيمان بالرسل والأنبياء من العقائد التي يجب العلم بها بالضرورة, فلو أنّ الإنسان لم يؤمن بالرسل والأنبياء كان كافراً, فهذه العقائد الأساسية لذلك يسمى علم العقائد علم أصول الدين, الدين له أصول وله فروع فالإيمان بالرسل من أصول الدين.
هناك استنباطات نستنبطها من كتاب الله تتعلق بالإيمان بالرسل:
الاستنباط الأول: هو أن كلاً من النبوة والرسالة فيض إلهي واصطفاء رباني, بمعنى أن النبوة والرسالة ليستا كسبيتين إنما هما هبة من الله سبحانه وتعالى, ولكن بعض الناس يتوهمون أن هذه الهبة إنما تُمنح لأي إنسان, هذا الذي أريد أن أعلق عليه, أن الإنسان لو فعل شيئاً معيناً لا يكون نبياً إلاّ أن يصطفيه الله سبحانه وتعالى, لكن الله حينما يصطفي هذا الإنسان ليكون نبياً يصطفيه من قمم البشر.
البشر متنوعون لهم قمم, الأنبياء قمم في الإنسانية, هذا الإنسان الذي أقبل على الله إقبالاً مستمراً، الذي تنام عينه ولا ينام قلبه هذا الإنسان من هذا المستوى, يصطفي الله سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله, فكلٌ من النبوة والرسالة فيض إلهي واصطفاء رباني، وأن أيّا منهما لا يكون أمراً مكتسباً يكتسب بالاجتهاد والرياضة, لذلك لو أتيح لواحد منّا أن يلتقي بنبي كيف قال بعض الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنه سحر أصحابه ؟ سحرهم بماذا ؟ بخلقه الرفيع، بأخلاقه السمحة, بتواضعه، بعدلـه، برحمته، بلطفه، بمحبته للخلق، بحلمه، بحبه للخير, هذه الأخلاق الرفيعة تؤكد أن النبوة اصطفاء بمعنى انتقاء.

2- أن كلاً من النبوة والرسالة وصفهما مغاير للآخر:

الشيء الثاني: أن الوصف بالرسالة مغاير للوصف بالنبوة, هناك نبي وهناك رسول ويشهد بذلك وصف الله بهما معاً, وفي هذا إشعار بتغاير مفهوميهما في الاصطلاح الشرعي ومن ذلك قوله تعالى في سورة مريم:

﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ﴾

( سورة مريم الآية: 51)

الرسالة مقام، والنبوة مقام آخر, كما يشهد بذلك آية قرآنية ثانية قال تعالى:
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾

( سورة الحج الآية: 52)



3- الاصطفاء بالنبوة سابق على الاصطفاء بالرسالة:

الشيء الثالث: يُستنبط من كتاب الله حول النبوة والرسالة أن الاصطفاء بالنبوة سابق على الاصطفاء بالرسالة, فلا يتم الاصطفاء بالرسالة إلا لمن تم اصطفاؤه بالنبوة, كل رسول نبي وليس العكس, لا يمكن أن يكون الرسول إلا نبياً, ولكن النبي ليس بالضرورة هو رسول، يدل على ذلك نصوص عديدة منها قوله تعالى في سورة الزخرف:
﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ﴾

(سورة الزُخرف الآية: 6)
فالنبي موجود قبل إرساله قال الله:
﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ ﴾

( سورة الزخرف الآية: 6)
وفي حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ﴾

( سورة الأحزاب الآية: 45-46)

يعني إذا كان باب النبوة قد أُغلق، وباب الرسالة قد أُغلق، فالنبي عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين قال الله:
﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ ﴾

( سورة الزخرف الآية: 6)
وآية:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً﴾

(سورة الأحزاب الآية: 45)

هاتان الآيتان تشيران إلى أن النبوة تكون متحققة أولاً, ثم يأتي بعدها الإرسال, ونستطيع من هذا أن نفهم أنه قد تمر على النبي فترة الاصطفاء بالوحي قبل أن يؤمر بالتبليغ, النبي الرسول قد يأتي عليه حين من الدهر يكون في هذا الحين نبياً وليس رسولاً، ثم يؤمر بالتبليغ فيصبح عندئذٍ رسولاً, النبي عليه الصلاة والسلام ربنا سبحانه وتعالى خاطبه فقال:
﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾

( سورة المدثر الآية: 1-2)

يروى أن سيدنا رسول الله حينما نزلت عليه هذه الآية, ألقى عن نفسه الدثار وقام للتبليغ, فطلبت منه السيدة خديجة رضي الله عنها أن يبقى في الفراش فقال كلمة: لا يعرفها إلا من ذاقها قال: يا خديجة انقضى عهد النوم.

ينبغي على المسلم أن يتنافس على درجات الآخرة:

لكن هناك مقامات كثيرة مفتحة: مقام الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى هذا مفتوح، مقام أن تكون عالماً ربانياً،
" يا بني الناس ثلاث: عالم رباني، ومستمع على سبيل نجاة، وهمجٌ رعاع أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق فأحذر يا كميل أن تكون منهم "

( قول مأثور )
مقام العلم الرباني موجود في كل زمان قال تعالى:


﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾

( سورة النحل الآية: 43)

أهل الذكر هم العلماء, فمن أراد النجاة من النار عليه أن يستقيم، لكنه من أراد مراتب عليا في الجنة عليه أن يكون من السابقين قال الله:
﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴾

( سورة الواقعة الآية: 10-11)

ما أجمل أن يكون الإنسان طموحاً في طريق الجنة, لا يرضى بالمرتبة الدنيا, لا يرضى أن يكون من الناجين، يسعى إلى أن يكون من المتفوقين لقوله تعالى:
﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾

( سورة المطففين الآية: 26)
هذا هو التنافس الذي يحبه الله سبحانه وتعالى.
أنا أتمنى من أعماقي أن أرى فيكم أناساً كثيرين يطمحون لا إلى النجاة من النار, ولكن إلى بلوغ أعلى الدرجات في الجنة, إذا كان باب النبوة والرسالة قد أُغلقا, فإن باب الولاية مفتوح إلى يوم القيامة:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

(سورة يونس الآية: 62)

﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾

( سورة يونس الآية: 63)

لا ينبغي أن تُمضي حياتك إلا في طاعة الله, لا ينبغي أن تهلك شبابك إلا في طاعة الله, لا ينبغي أن تسخر طاقاتك وإمكاناتك ومالك إلا في مرضاة الله, إن فعلت ذلك فأنت الرابح، أنت الناجح:

﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾

( سورة المؤمنون الآية: 1-2)

﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾

( سورة الأعلى الآية: 14-15)

إذا عرفت طريق الفلاح، وطريق الفوز فأنت من السعداء، قال تعالى:
﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

( سورة الأحزاب الآية: 71)

فإذا شعر الطائع أنه محروم فهذا جهل منه، وجهل بما عنده
"من أوتي القرآن فرأى أن أحداً أوتي خيراً منه فقد حقّر ماعظمه الله "

( ورد في الأثر)

﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾

( سورة يوسف الآية: 22)

إذا سألتني عن أعلى مرتبة ينالها الإنسان على وجه الأرض, أعلى مرتبة ينالها الإنسان على وجه الأرض، قلت لك: أن يقال له: رضي الله عنه, من فاز برضاء الله سبحانه وتعالى فقد حقق أعلى مرتبة على وجه الأرض، المؤمنون هم ملوك الدار الآخرة:
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾

( سورة القصص الآية: 83)

فهذا التعليق, أنه باب الولاية مفتوح, باب أن تكون من السابقين مفتوح, ربنا هو رب موسى وهارون موجود, رب إبراهيم موجود, رب محمد موجود, ربّ أصحاب محمد موجود، باب الطاعات مفتوح, باب المجاهدة مفتوح, لذلك: إن الله يحبكم إذا تنافستم في طاعته.

ينبغي على المسلم أن لا يتنافس على الدنيا:
أما التنافس على حطام الدنيا على متعها، على شهواتها، على زخرفها، على مكاسبها، على مالها، على بيوتها, على بساتينها، على مركباتها، على حيازة الأموال الطائلة فيها, فهذا التنافس يُبغضه الله سبحانه وتعالى قال الله:

﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾

( سورة الصافات الآية: 61)

﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾

( سورة يونس الآية: 58)

قل لي: ما الذي يفرحك, أقل لك: من أنت, من فرح بالدنيا ولو أنه اكتسبها من طريق مشروع، فرحه بالدنيا ماذا يعني ؟ أنه لا يعرف مهمته في الحياة, من فرح بالمال الذي اكتسبه بطريق مشروع، لا يعرف المهمة التي خُلق من أجلها، وليس متحققاً من أنه لابد من مغادرة الدنيا, ولن يأخذ معه إلا العمل الصالح, فرعون ماذا أُعطي ؟ قارون ماذا أُعطي ؟ قد يُعطي الله سبحانه وتعالى المال لمن لا يُحب فقارون:
﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾

( سورة القصص الآية: 76)

لا يُحب الفرحين بالدنيا, يُحب الفرحين برضوان الله عزّ وجل.

اسأل الله عن حاجتك:
إذا فتحت عينيك الساعة الرابعة والنصف، وبقي لأذان الصبح ثلاثة أرباع الساعة, هل تنزع عنك الغطاء وتقول: قم صلّ قيام الليل, قم ناجِ ربك في هذا الليل ؟

﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ﴾

( سورة الإسراء الآية: 78-79)

فالمقام المحمود يأتي من التهجد في الليل، والمقام المحمود يأتي من العمل الصالح, شيئان يرفعانك عند الله سبحانه وتعالى: عملك الصالح وتهجدك في الليل
" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ "

(أخرجه مسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة في صحيحه)

هذه نصيحتي لكم: من كانت له عند الله حاجة, فليصلِ قيام الليل, وليسأله حاجته في السجود, خالق الكون يقول لك: هل لك من حاجة عندي ؟
لا تسألنّ بنيّ آدم حاجــة وسل الذي أبوابه لا تغـلـقُ
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم إن من يسأل يغضب

" عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمِلْحَ وَحَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ "

(أخرجه الترمذي عن ثابت البناني في سننه)
اسأله:
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾

( سورة غافر الآية: 60)

فما لك حاجة عند الله, حاجة في الدنيا أو في الآخرة ؟ انقضى عهد النوم يا خديجة قال الله:

﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ ﴾

( سورة المدثر الآية: 1-2)
وقوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾

( سورة المائدة الآية:67)



4- هناك خصوص في النبوة:

الاستنباط الرابع: من الآيات الكريمة فيما يتعلق بالنبوة, أن الله سبحانه وتعالى قد يقتصر على الاصطفاء بالنبوة بالنسبة لبعض الأنبياء, هناك أشخاص اصطفاهم الله ليكونوا أنبياء فقط, دون أن يأمرهم بتبليغ رسالته, وهؤلاء يمكن أن نسميهم أنبياء لا رسلاً, وعلى هذا فتكون مهمة النبي الذي لم يؤمر بتبليغ رسالة, العمل والفتوى بشريعة رسول سابق, النبي الذي لم يُكلف برسالة يبين للناس ما نُزّلَ إليهم سابقاً, يعمل ويفتي برسالة رسول سابق, لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
" علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل "

( ورد في الأثر )

يعني ما من عالم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يأتي بجديد:
" عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ نَبِيًّا وَلَمْ يُنْزِلْ بَعْدَ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا فَمَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَلالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا حَرَّمَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَلا وَإِنِّي لَسْتُ بِقَاصٍّ وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ وَلَكِنِّي مُتَّبِعٌ وَلَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْكُمْ غَيْرَ أَنِّي أَثْقَلُكُمْ حِمْلا ألا وَإِنَّهُ لَيْسَ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنْ يُطَاعَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ أَلا هَلْ أَسْمَعْتُ "

(أخرجه الدارمي عن عبيد الله بن عمر في سننه)

القرآن كلام الله, والسنة المطهرة ودور العلماء توضيح كتاب الله وتوضيح السنة المطهرة, أما أن يأتوا بجديد فهذا مستحيل, لأن علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل من حيث الوظيفة لا من حيث المرتبة, النبي نبي, والعالم عالم, لا يرقى الولي إلى مرتبة النبي, العالم ليس معصوماً لكن النبي معصوم، قال الله:
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 246)

هذا النبي لم يُذكر اسمه في القرآن الكريم, بعض المؤرخين يقولون: إنه صموئيل نبي أرسله الله لبني إسرائيل وليس رسولاً, معنى أرسله يعني كان بينهم، أما معنى أعطاه الرسالة كلفه بكتاب من عند الله.

خلاصة الدرس:
من ذلك يتبين لنا أن كل رسول نبي، ولا يلزم أن يكون كل نبي رسولاً, وبالنظر إلى هذه الأمور السابقة التي نلاحظها في نصوص القرآن حول الفرق بين النبي والرسول, ندرك السرّ البلاغي في الجمع الغفير من النصوص القرآنية التي تتعرض إلى ألقاب الرسول والرسل, والرسالة، إذ تقترن بالمهام المتصلة بتبليغ الشريعة، ودعوة الخلق إلى الحق, كما ندرك السرّ البلاغي في الجمع الغفير من النصوص القرآنية، التي تتعرض إلى ألفاظ النبي والنبيين والنبوة، إذ تقترن بالأحوال والصفات والأحكام الخاصة المناسبة لمعنى النبوة الذي شرحناه وهو الاصطفاء بالوحي, هذا الفرق الدقيق بين النبي والرسول هو ما عليه جمهور العلماء, وجمهور أهل التوحيد, وهناك آراء أخرى لا مجال لذكرها في هذا الدرس, وينبغي أن يكون المسلم الحق مع من ؟ مع جمهور العلماء, مع الأكثرية.
هذا ملخص الموضوع وسوف ننتقل في الدرس القادم إلى حاجة الناس إلى الرسل, هل هم بحاجة ماسة إلى الرسل ؟ قال سيدنا علي كرّمَ الله وجهه يجيب أحد السائلين عندما سأله: أكان مسيرنا إلى الشام بقضاء من الله أو قدر ناله ؟ ويحك لو كان قضاءً لازماً, وقدراً حاتماً إذاً لبَطَلَ الوعد والوعيد, ولانتفى الثواب والعقاب، إنَّ الله أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلّفَ يسيراً، ولم يُكلّف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولو أنَّ الأمر كذلك, لكانَ إرسال الرسل عبثاً، فالرسل لهم مهمة كبيرة جداً هذا ما نبحثه إن شاء الله في الدرس القادم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://resalahmasriyah.mam9.com
Eng. Ahmedzoubaa
Admin
Eng. Ahmedzoubaa


عدد المساهمات : 1216
تاريخ التسجيل : 28/08/2010
العمر : 50

الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم   الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم Emptyالثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 9:15

مهمة الأنبياء في الأرض:

1- دورهم في توعية البشر بأن عرفوا الناس بربهم:

وصلنا في الدرس الماضي في موضوع الإيمان بالرسل إلى الحاجة إلى الرسل، وكون مهمتهم لا تتحقق بغيرهم الذي تعرفونه أن الله سبحانه وتعالى قال:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾

(سورة الذاريات الآية: 56 )

يعني علة الخلق أن نعبده, سبب وجودنا على هذه البسيطة أن نعبده, والعبادة لا تكون إلا بعد أن نعرفه, وإذا عبدناه سعدنا به في الدنيا والآخرة, وقد قلت لكم في درس سابق: إن العبادة في أدق تعريفاتها: طاعة طوعيه تسبقها معرفة يقينية، وتفضي إلى سعادة أبدية, فمن أجل أن نعرفه جاء الأنبياء ليلفتوا نظر البشر إلى ربهم, ليّعرفوا الناس بخالقهم ليبصروهم بحقيقة وجودهم, فكيف نعرفه من دون دليل؟ وهل يقوم تعليم من دون معلم؟ وهل تنشأ مدرسة من دون أساتذة؟ فمن أجل أن نعرفه لابد لنا من معلمين, والمعلمون هم الأنبياء هؤلاء عرّفونا بربنا, ذكرونا بآياته التي بثها في السموات الأرض, عرفونا بمهمتنا, بينّوا لنا ما نحن فيه، وإلى أين المصير, فهؤلاء الأنبياء بمثابة المعلمين في المدارس، لا تقوم المدرسة إلا على أكتاف المعلمين لا البناء له قيمة, ولا المقاعد لها قيمة، ولا السبورة لها قيمة، ولا المكتبة لها قيمة، ولا أي موظف آخر له قيمة إن لم يكن في هذه المدرسة المعلم, أساس المدرسة المعلم.
فلذلك: مهمة النبي في قومه، مهمة إرشادية تعليمية, فالناس بحاجة ماسّة إلى معلم, لابد من أن نعرفه حتى نعبده, كيف نعرفه؟ كان الأنبياء والرسل، والدعاة والعلماء من بعدهم مصابيح للناس, العلماء مهمتهم تبعية: هم نواب عن الأنبياء في تبليغ الناس الحق, فالأصل هم الأنبياء هم المعلمون الذين أوكل الله إليهم تعليم الناس.

2- معرفة أوامر الله ونواهيه تكون بوساطة الأنبياء:

لو أنّ أحداً قال لك: أنا مستعد لطاعة الله عزّ وجل، أين أمره؟ هل كنّا نعرف أمره, لولا النبي عليه الصلاة والسلام؟ الأنبياء لهم دور آخر بينوا أوامر الله, إذا كانت علة الخلق أن نعرفه فنعبده فنسعد بقربه, فالأنبياء عرفونا بربنا أولاً، وبينوا أوامره ونواهيه ثانياً, جاء الأنبياء بالأوامر والنواهي بمنهج قوامه افعل ولا تفعل, هذا المنهج هو العبادة، في كل علاقاتك، في بيتك، في طعامك، في شرابك، في نومك، في قضاء حاجتك، في علاقتك بزوجتك, في علاقتك بأولادك، في علاقتك بجيرانك، في علاقتك بمن حولك، في علاقتك بمن تتعامل معهم، هذا المنهج الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام هو العبادة، فكيف نعبده ولا نعرف أمره؟ عن طريق مَنْ جاءنا أمره ؟ عن طريق النبي عليه الصلاة والسلام, النبي كان وسيطاً بيننا وبين ربنا؟ قال الله:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

( سورة المائدة الآية: 35)

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾

( سورة التوبة الآية: 103)

﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾

( سورة الأحزاب الآية: 56)

3- ما هي الوسيلة التي تقربك بها إلى الله ؟

بعد أن عرفته, وبعد أن عبدته, الآن لك أن تقبل على الله عزّ وجل بمعيته:

"عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ "

(أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاصي في سننه)

النبي عليه الصلاة والسلام باب الله, ولا يدخل المرء على الله عزّ وجل إلا من باب رسول الله صلى الله عليه وسلم, من هنا كان قوله تعالى
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾

( سورة الأحزاب الآية: 56)

فهذا المنهج الرباني المبني على أسس ثلاثة: المعرفة والعبادة والسعادة, النبي عليه الصلاة والسلام في كل مرحلة هو الأصل فيها, إذن حاجتنا للنبي ولكل الأنبياء حاجة أساسية وحاجة مصيرية.

4- معرفة الخير والتحذير من الشر يكون عن طريق الأنبياء:

كلكم يعلم, أن علّة الخلق أيضاً الابتلاء قال الله:
﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾

(سورة المُلك الآية: 2)
إذن نحن مبتلون:
﴿وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾

(سورة المؤمنون الآية: 30)

يعني تستطيع أن تقول: إن جوهر الحياة الدنيا أن ينكشف الإنسان على حقيقته, الصالح والطالح، الخيّر والشرير، المعطاء والبخيل، الرحيم والقاسي، المقسط والظالم، فالابتلاء علّة الوجود، وعلّة أخرى أن ينكشف الإنسان على حقيقته قال الله:
﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾

(سورة الماعون الآية: 1-3)

﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾

( سورة القصص الآية: 50)



﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ﴾

( سورة العلق الآية:9-12)

﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾

(سورة العلق الآية: 14)

فما دامت العلة هي الابتلاء، فمن الذي يبين لنا طريق الخير والشر؟ هو النبي عليه الصلاة والسلام, كتاب شهير اسمه " الترغيب والترهيب " هو من أحاديث النبي عليه الصلاة و السلام, كل أمر من أمور حياتنا كيف رغبّ به النبي؟ وكيف رهبنّا منه؟ رغبنا في الطاعة ورهّبنا من المعصية, فالترغيب والترهيب أساس من أسس هذا الكتاب لذلك كان عنوانه الترغيب والترهيب.
فالوجه الآخر من أحقية النبي عليه الصلاة والسلام، هو أن علّة الحياة الابتلاء قال الله:
﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ﴾

( سورة الملك الآية:2)

وهذا الابتلاء يقتضي أن تُعرّف المبتلى بالخير وبالشر, أن تُعرّفه بالخير حتى يأتيه، وأن تُعرّفه بالشر حتى يجتنبه، من أجل يسلك طريق الخير، وأن يحيد عن طريق الشر, فمهمة النبي عليه الصلاة والسلام: تعريفٌ بالخير وبيان طريقه وترغيب فيه، وتعريف بالشر وبيان طريقه وتحذير منه قال الله:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالاً طَيِّباً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾

( سورة البقرة الآية: 168)
خطوات الشيطان طريق الشر قال الله:
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ﴾

(سورة الإسراء الآية: 32)

لم يكن النهي عن الزنا, بل كان النهي عن الاقتراب من الزنا, فللخير طريق وللشر طريق:

﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾

( سورة الحجرات الآية:7)

ما هي علة إرسال الرسل إلى البشر ؟
لولا أنَّ الله سبحانه وتعالى أرسل رسله ليعرفّوا الناس بالخير وبالشر، لكانت الحجة مع الناس وليست مع الله عزّ وجل, هكذا قال الله عزّ وجل:

﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ﴾

( سورة النساء الآية: 165)

لِئلا يكون على الله حجةٌ بعد الرسل, امرأة في أول لقاء مع زوجها قالت له: إنني امرأة غريبة لا أعرف ما تحب وما تكره, فقل لي: ما تحب حتى آتيه وما تكره حتى أجتنبه, فكيف الله عزّ وجل؟ يحاسبنا يوم القيامة ولم يبين لنا أوامره ونواهيه! لذلك قال تعالى:
﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾

(سورة الشمس الآية: Cool

إيّاكم أن تفهموا هذه الآية كما يفهمها بعض الناس, ألهمها أن هذا العمل فجور, وألهمها أن تفجر, حاشا لله أن يُلهم الله عزّ وجل إنساناً أن يفجر, يعني كأن تجد ابنك في طريق غير صحيح, وتقرّع آذانه ليلاً نهاراً, يابني أنت مخطئ, أنت في طريق الهاوية, أنت في طريق الدمار, الأب يُلهم ابنه الفجور، ويبين له أنه يفجر, فربنا عزّ وجل كيف يحاسبنا قبل أن يبين لنا؟ عن طريق من بين لنا؟ عن طريق النبي عليه الصلاة والسلام, كيف نعرف الله إلا من خلال النبي عليه الصلاة والسلام قال الله:

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ﴾

( سورة الأحزاب الآية: 45-46)

﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾

( سورة الحشر الآية: 7)

﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ﴾

(سورة النساء الآية: 80)

﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾

( سورة النساء الآية: 65)

﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ﴾

( سورة طه الآية: 134)
قوم فعلوا الفاحشة, فاستحقوا الهلاك فأهلكهم الله عزّ وجل:
﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ﴾

( سورة طه الآية:134)

إرسال الرسل لإقامة الحجة على البشر، حينما ينبّه الأب ابنه مرات عديدة على مسمع من إخوته وأمّه، ويحذّره مغبة عمله، وبعد ذلك يقع هذا الابن في سوء عمله وفي شرّ عمله، ويدفع الثمن باهظاً, لا يستطيع أن ينطق بكلمة.

كيف ترقى إلى الله ؟
كما قلت لكم: أنَّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان, وخلق في الإنسان استعداداً للخير والشر, استعداداً للضلال والهدى, مثل بسيط: هذه السيارة صُنعت ويمكن أن تنقلك إلى حيث تريد, ويمكن أن تدمر صاحبها, إذا أُحسن قيادتها تنقله إلى حيث يريد، فإذا قادها إنسان جاهل قضت عليه وسببت هلاكه, فهذه السيارة فيها إمكانية الخير والشر, إمكانية أن تنقلك إلى أي مكان تريد, وإمكانية أن تنهي حياة صاحبها إذا كان جاهلاً, خلق الله الإنسان فيه الشهوات, هذه الشهوات حبّ الطعام, الحاجة إلى الطعام، الحاجة إلى بقاء النوع، بقاء الفرد يحتاج إلى طعام، بقاء النوع يحتاج إلى زواج، والحاجة إلى بقاء الذِكر, كل إنسان يحب أن يكون له أهمية، هذا دافع أساس بالإنسان, إنسان يثبت قيمته من خلال عمله, إنسان يثبت قيمته من خلال إيقاع الأذى بين الناس, على كلٍ الإنسان له أهمية, إما أنه يُرجى خيره، أو يُتقى شره, ففي الإنسان ميول فطرية فهناك حاجات أو دوافع أو غرائز, هذه مسميات لأشياء واحدة بشكل أو بآخر الشهوات قال الله:

﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 14)

الله سبحانه وتعالى ركّب فينا هذه الشهوات لنرقى بها إلى ربّ السموات، لولا هذه الشهوات التي رُكّبت فينا لما كانت جنة, لولا الشهوات لما كنت شيئاً تستحق الذكر, كيف ترقى إلى الله؟ لو أن المال لا قيمة له عندك, لو أنفقت مئة ألف لا ترقى, لأن الله سبحانه وتعالى أودع في قلبك حب المال, فإذا أنفقت المئة ليرة وأنت في أمس الحاجة إليها، ارتقيت إلى الله عزّ وجل, كيف ترقى إلى الله إن لم يكن في قلبك حب للنساء، ليس في الأرض كلها تشريع يحظر عليك ألا تنظر إليها؟ من يحاسبك؟ أنت في الطريق, امرأة مزينة من يمنعك أن تنظر إليها؟ قد تكون في غرفتك والنافذة مفتوحة, تُفتح نافذة بيت الجيران تُطل منها امرأة، من الذي يدري من العالمين أنك تنظر إليها؟ لا أحد، فإذا غضضت الطرف فهذا يؤكد أنك مخلص لله عزّ وجل, لأن هذا العمل لا يفعله إلا المخلص, خلق في نفسك حب الطعام وقال لك:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 183)

تدخل الحمام في أيام الصيف, وأنت صائم, وتفتح صنبور المياه الباردة من الذي يمنعك ألا تشرب؟ لولا هذه الشهوات لما ارتقيت إلى رب السموات, لولا أنك تعطش وتجوع، وتحب الجمال والمال، وتحب العلو في الأرض, لما ارتقيت إلى الله عزّ وجل قال الله:
﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

( سورة النازعات الآية: 40-41)

﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾

(سورة الزُمر الآية: 74)

بعض العلماء حاروا في هذه الآية " الأرض " أية أرض هذه؟
﴿أَوْرَثَنَا الأَرْضَ ﴾

( سورة الزمر الآية: 74)

ما علاقة الأرض بالجنة؟ قالوا: حينما دخل أهل الجنة الجنة، وسعدوا فيها، عرفوا أنه لولا أنهم كانوا في الأرض، ولولا أن الله أودع فيهم الشهوات, لما كانوا في الجنة, هذه الشهوات التي خلقها الله فينا سبب لرُقينا، وسبب لسعادتنا, وسبب لدخولنا الجنة.

من الذي يدلك على كيفية ممارسة الشهوات وفق نظامها الصحيح ؟
هذه الشهوات إما أن ترقى بها إلى رب السموات, وإما أن تكون سبباً في شقاء الإنسان مثال بسيط: هذا الوقود سائل كالماء مثلاً, هذا البنزين فيه طاقة لو أنك أخرجت هذا السائل وصببته على محرك السيارة، وأعطيته شعلة من النار، لاحترقت السيارة, أما إذا سار هذا السائل من المستودع في الأنابيب الدقيقة المحكمة المخصصة له إلى جهاز التنظيم، إلى غرف الاحتراق دُفعت هذه المكابس دار الساعد حرّك السيارة, فبين أن يكون البنزين قوة محركة، وبين أن يكون قوة مدمرة, كذلك الشهوة إما أن تكون هذه الشهوة قوة محركة إلى الله عز وجل، وإما أن تكون هذه الشهوة قوة مدمرة, من الذي يعرفنا كيف نمارس هذه الشهوات في الطعام والشراب؟ جاءت الأحاديث الكثيرة في الاعتدال في الطعام والشراب:

" قَالَ سَمِعْتُ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا ملأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثُ طَعَامٍ وَثُلُثُ شَرَابٍ وَثُلُثٌ لِنَفْسِهِ "

(أخرجه الإمام أحمد عن المقداد بن معدي كرب الكندي في مسنده)
كيف نحقق شهوة بقاء النوع؟
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾

(سورة المؤمنون الآية: 5- 7)

من الذي يبين لنا كيف نستفيد منها؟ الأنبياء, هل تعرف أنت أنه لا يجوز أن تتزوج أختك من الرضاعة إلا بعد نزول الشرع على هذا النبي الكريم؟ واحد يتسامر مع إنسان قال له: عندي أول ولد أعمى, والثاني كسيح, والثالث معه هشاشة في العظام قال له: عجيب! سأله ما السبب؟ قال له: ليس هناك سبب, قال: ليس من الممكن, لابد من سبب, أجابه: أخذت أختي من الرضاعة, إنه الشرع مبني على أُسس علمية, من الذي أخبرنا أن العمة، والخالة، وابنة الأخ، وابنة الأخت لا يجوز الزواج منهن قال الله:
﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً ﴾

( سورة النساء الآية: 23)

معظم حالات الزنا في أوروبا وأمريكا, تتم بين الأقارب وبين المحارم, العدوان على الأخت والبنت شيء مألوف جداً في المجتمعات الغربية, هذا الشرع يبين لك كيف تمارسها، لذلك الشهوة من الذي يُبيّن لك كيف تمارسها؟ النبي عليه الصلاة والسلام، من الذي يقول لك: يجب أن تبتعد عن زوجتك في الحيض أكثر من سبعين مرضاً ينشأ عن لقاء الزوجة في أثناء الحيض؟ قال الله:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾

(سورة البقرة الآية: 222)

هذه الشهوة سلاح لك أو عليك، قوة محركة أو مدمرة, نافعة أو ضّارة, من الذي يبين لك وجه استعمالها ؟ الأنبياء, إذن نحن بحاجة ماسة إلى الأنبياء.

5- القدوة الحسنة:

الحق مهما كان ناصعاً، ومهما كان واضحاً، ومهما كان منطقياً، ومهما كان متماسكاً، ما دام الحق كلاماً بكلام لا يطبقه الإنسان إلاّ أن يجد إنساناً أمامه مطبقاً للحق, هذا اسمه الأسوة الحسنة, أي القدوة الحسنة قال الله:

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾

( سورة الأحزاب الآية:21)

مثل واحد أنفع للناس من عشرة مجلدات, الناس لا يصدقون إلا المثل الحيّ, النبي الواحد بخلقه وجهاده أهدى للبشرية من آلاف الكتب الذين تكلموا بالفضائل في بطون المجلدات, الناس يتعلمون بعيونهم ولا يتعلمون بآذانهم, فالأنبياء عليهم صلوات الله هم المثل العليا، والقدوة الحسنة للبشر, ما الذي يحملك على أن تستقيم؟ ما الذي يحملك على غضّ البصر؟ أسرع طريق إلى نشر الحق القدوة الحسنة, فالأنبياء كانوا قدوة حسنة قال الله:
﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾

( سورة التوبة الآية: 128)

" ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً " لماذا أحبوه؟ لأنه كان أرحم بهم من أنفسهم.
" عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ بَيْنَ كُلِّ ثَلاثَةِ نَفَرٍ بَعِيرٌ وَكَانَ زَمِيلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيٌّ وَأَبُو لُبَابَةَ قَالَ وَكَانَ إِذَا كَانَتْ عُقْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالا لَهُ ارْكَبْ حَتَّى نَمْشِيَ عَنْكَ فَيَقُولُ مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى مِنِّي وَمَا أَنَا بِأَغْنَى عَنِ الأَجْرِ مِنْكُمَا "

( ورد في الأثر )

" كانوا في نزهة أو غزوة، لا أدري, قال أحدهم: عليّ ذبحها " الشاة ", وقال الثاني: عليّ سلخها, وقال الثالث: عليّ طبخها, قال صلى الله عليه وسلم: وعليّ جمع الحطب, فقالوا: نكفيك ذلك يا رسول الله, قال: أعلم ذلك ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه "

( ورد في الأثر )
أسوة حسنة.


خلاصة الدرس:
الله سبحانه وتعالى أرسل رسله ليعرفّوا به, وليبينوا أوامره ونواهيه، وليكونوا وسطاء في الإقبال عليه, وأرسل رسله أيضاً كي يبينوا للناس الخير من الشر، وطريق الخير من طريق الشر، ويُحببوا الناس بالخير, ويُبغضوا الناس بالشر, وأرسل رسله ليعّرفوا الناس بأن هذه الشهوات التي أودعها الله في البشر, كيف يأخذون خيرها, ويجتنبون شرها, إنها قوة محركة أو مدمرة, لولا الشهوات لما ارتقى الإنسان إلى ربّ السموات, وفي الوقت نفسه قد تكون الشهوة مدمرة لصاحبها, وهذا ما حصل مع أوروبا ودول الغرب, إنهم عدّوا الشهوة كل شيء في الحياة فدُمروا من أجلها, مرض الإيدز, هذا المرض سببه الانحراف الأخلاقي, كل العلاقات خارج الحياة الزوجية, الزنا وما شابه الزنا, المخدرات وما شابه المخدرات, فهذا المرض يفتك بالناس بسرعة فائقة، بل إن منظمة الصحة العالمية قالت قبل يومين: إن كل الجهود التي بُذلت من أجل القضاء على هذا المرض باءت بالفشل, من الذي يبين للناس أن هذه الشهوة استعملوها في في الزواج فقط؟ الأنبياء, طبعاً شهوة المال أيضاً وكل الشهوات, الأنبياء بيّنوا الحقائق العلمية، من الذي نهانا؟ كيف نُهينا عن اقتراب النساء بالمحيض ؟ الشرع الذي أُنزل على النبي الكريم, هذه الحقائق علمية.
لا بد للهدى من مُثل عليا, من قدوة صالحة, فالأنبياء بعصمتهم, لو أنّ النبي فعل غلطة واحدة لسقطت عصمته وذهبت مكانته, من فضل الله عزّ وجل أن الأنبياء معصومون عن الخطأ, لذلك كانوا قدوة ومُثلاً عليا لبني البشر, فنحن بحاجة ماسة إلى الأنبياء, هذا بحثٌ علمي عن وجه الحاجة إلى الأنبياء والرسل, والإيمان بالأنبياء والرسل حقٌ يقيني من لوازم العقيدة، بل إنه من العقائد التي يجب أن نعلمها بالضرورة, والآن بينّا لماذا كان الأنبياء, و لماذا أرسل الله الأنبياء والرسل لبني البشر؟.

استشكال ورد:
كثير مع التوضيحات الدقيقة يبقى أُناس لا يُحسنون الفهم أحياناً، في موضوع الجن أنا ذكرت أنه من يتعاون مع الجن لإضلال البشر فهو كافر لإيهام البشر أنه يعلم الغيب, مع أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: لا أملك لكم نفعاً ولا ضراً، إذا كان سيد الأنبياء, و حبيب الحق لا يعلم, ولا يملك الضر والنفع, فهل يستطيع إنسان على وجه الأرض بمعاونة الجن أن يعلم الغيب؟ قال الله:

﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾

( سورة سبأ الآية: 14)

يبدو أنَّ بعض الأخوة, فهموا أنهُ إذا كان إنسان رجل دين له صِلة بالله عزّ وجل، له إقبال على الله عزّ وجل، له مكانة عند الله عزّ وجل, والتقى بإنسان مسحور وقرأ له القرآن, وتوجّه إلى الله عزّ وجل كي يشفى فشفي، هذا ليسَ من عمل الجن، هذا من عمل التوحيد، لم أذكر أن هذا العمل غير صحيح، أنت إن كنت قريب من الله, وقرأت القرآن لتُخلّص هذا المسحور من سحره أو أذّنت أو كبرّت هذا من السُنة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://resalahmasriyah.mam9.com
Eng. Ahmedzoubaa
Admin
Eng. Ahmedzoubaa


عدد المساهمات : 1216
تاريخ التسجيل : 28/08/2010
العمر : 50

الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم   الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم Emptyالثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 9:16

وظيفة الرسول:

1- تبليغ الشريعة الربانية للناس:

وصلنا في الدرس الماضي إلى موضوع متعلق الإيمان بالرسل وهو وظائف الرسول ومهماته, فأول وظيفة من وظائف الرسول هي تبليغ الشريعة الربانية للناس قال الله:

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾

( سورة المائدة الآية: 67)

فمهمة التبليغ هي المهمة الأولى للرسول، هذه المهمة تقتضي الأمانة فينبغي أن يبلغ النبي والرسول ما أنزل إليه من ربه من دون زيادة أو نقصان أو تحريف, الذي أُنزل إليه من ربه يجب أن يُبلغ بالتمام والكمال, ويجب أن يبلغ على الوجه الذي أُمر به من دون تغيير أو تبديل أو كتمان، فإن كانت نصوصاً منزلة من عند الله فعليه أن يبلغها كما أنزلت - هذا هو القرآن الكريم - النص والمعنى، فالذي بلّغنا إياه النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي نزل به الروح الأمين.
تعريف القرآن: هو الكلام المعجز الذي نزل به جبريل عليه السلام على قلب النبي عليه الصلاة والسلام، الذي نتعبد الله بتلاوته ونتقرب إليه بفهمه والعمل به، وإن كانت معاني أوحيَ بها إليه فعليه أن يبلغها كما أوحى بها إليه مثلاً:
" ليس كل مصلٍ يصلي إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي وكف شهواته عن محارمي ولم يصر على معصيتي وأطعم الجائع وكسا العريان ورحم المصاب وآوى الغريب كل ذلك لي"

( حديث قدسي )

هذا حديث قدسي نزل على قلب الرسول صلى الله عليه سلم بالمعنى، فبلّغ المعنى كما نزل على قلبه لكن الصياغة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانت معاني أوحيّ بها إليه فعليه أن يبلغها كما أوحي بها إليه من دون زيادة أو نقص في معانيها, هذه المهمة مهمة التبليغ تبليغ النصوص كما أنزلت، والمعاني كما أنزلت، ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة المائدة:
﴿يا أيها الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ ﴾

( سورة المائدة الآية: 67)

ضمانة من الله عزّ وجل أن الله يحفظه حينما يبلغ ما أنزل إليه من ربه, وآية أخرى تؤكد مهمة تبليغ ما أنزل إليه من ربه وهي قوله تعالى في سورة الأحزاب:

﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ﴾

( سورة الأحزاب الآية: 38- 39)

هذه الآية تنسحب على الدعاة المخلصين يبلغون رسالات الله, صفة واحدة إذا توافرت فيهم صحت مهمتهم، وهي خشية الله وعدم خشية من سواه, لأن هذا الذي ينوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إلقاء العلم وتبليغ دعوة الله إلى الناس لو أنه خشي غير الله لسكت عن الحق إرضاءً لهذا الذي خشيه من دون الله، ولنطق بالباطل إرضاءً لهذا الذي خشيه من دون الله, فإذا سكت عن الحق ونطق بالباطل فماذا بقي من مهمة تبليغ رسالات الله, من باب أولى أن الذي يخشى غير الله ليس أهّلاً أن يُبلّغ رسالات الله, والنبي عليه الصلاة والسلام في حديثٍ جامعٍ مانعٍ يقول:
" كلمة الحق لا تقطع رزقاً ولا تقرب أجلاً "

( ورد في الأثر )
لا تخشَ من الله لومة لائم قال الله:


﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾

( سورة الحج الآية: 38)

﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 30)

هذه هي المهمة الأولى: تبليغ الشريعة الربانية للناس نصوصاً منزلة كما هي, ومعاني منزلة كما هي.

2- توضيح مدلولات القرآن الكريم:

المهمة الثانية: ربنا سبحانه وتعالى لحكمة بالغة لا نعلمها أو نعلم بعضها، جعل طبيعة القرآن الكريم فيها عموم، وفيها شمول، وصياغة النص القرآني تحتمل معاني عدة, وتفسيرات عديدة, واتجاهات كثيرة، هذه الطبيعة في القرآن الكريم تكريم للإنسان, الإنسان فُتح له باب الاجتهاد، فُتح له باب تأويل النصوص, فُتح له باب التفسير, فُتح له باب الاستنباط, فكل هذه الاستنباطات التي استنبطها العلماء الكبار, والفقهاء الكبار رضوان الله عليهم, وكل هذه الاجتهادات التي اجتهدها كبار المجتهدين، كل هذه الشريعة الثريّة الغنية إنما كانت بفضل هذه الصياغة القرآنية.

ذكر الأمثلة للتوضيح:
مثلاً: ربنا سبحانه وتعالى في آية الوضوء يقول:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾

( سورة المائدة الآية: 6)

هذا التفصيل قطع كل اجتهاد وكل خلاف, وأغلق كل باب للمعرفة قال الله:

﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾

( سورة المائدة الآية: 6)
ولو قال:
﴿وَأَيْدِيَكُمْ ﴾

( سورة المائدة الآية: 6)

بعض العلماء يقول: اليد تعني إلى الكف، وبعضهم يقول: اليد تعني إلى المرفق, وبعضهم يقول: اليد تعني إلى الكتف, لكن الله عزّ وجل حينما حسم الأمر وقال:
﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾

( سورة المائدة الآية: 6)

أنهى كل اجتهاد, أنهى كل تفسير, أنهى كل تأويل, كان من الممكن أن يكون كتاب الله كله من هذا القبيل وانتهى, كان يمكن أن يكون 8700 صفحة فيه كل التفصيلات, لا نحتاج لعلماء ولا لمفسرين ولا إلى مجتهدين, ولما كانت ضرورة لمستنبطين للأحكام, وليس هناك امتحان لحسن الظن بالله قال الله:
﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾

( سورة الشمس الآية: Cool

سيء الظن بالله يقول لك: هذا الذي يعصي الله, الله ألهمه أن يعصيه هكذا الآية, هذا الذي يشرب الخمر، الله ألهمه أن يشرب الخمر, هذا الذي يزني, الله الذي ألهمه أن يزني قال الله:
﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾

( سورة الشمس الآية: Cool
يأتي عالم كبير يقول:
﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا﴾

( سورة الشمس الآية: Cool

بمعنى ألهمها بأنها فاجرة، وأنها منحرفة، كأن يجد الأب ابنه منحرفاً أو مقصراً فينصحه ويبين له ويوضح له الحقائق، فبين أن تقول: أن الله عزّ وجل هو الذي ألهم الزاني أن يزني، وبين أن تقول: إن الله عزّ وجل ألهم الزاني أنه زاني وعليه أن يتوب مسافة كبيرة, صياغة القرآن الكريم تقتضي الاستنباطات الكثيرة, والتأويلات العديدة, وتحميل لكتاب الله وجوهاً عديدة, صار في علماء، صار في اجتهادات، صار في استنباطات، صار في مذاهب بالفقه، سيء الظن كُشف أمره، حسن الظن كُشف أمره بفضل هذه الصياغة.
مثل آخر: أنت أمام رجلين واحد بخيل، والآخر كريم, تركت لهما قصاصة كُتب فيها " أعط فلاناً ألف درهم ونصفه " البخيل يقول: جيد هذا الأمر يعني ألف درهم ونصف درهم، لأن ألف درهم ونصفه الهاء تعود على الدرهم, الكريم يقول: لا, هذه القصاصة تعني ألفاً وخمسمئة درهم، لأن ألف درهم ونصفه الهاء تعود على الألف, فهذه صياغة فيها امتحان لطبيعة الكرم وطبيعة البخل, ولو قال: أعطِ فلان ( 1500 ) ليرة سوري انتهى الأمر, لم ينكشف هذا البخيل ولم ينكشف هذا الكريم, فأحياناً صياغة كتاب الله منه آيات مُحكمة:
﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 7)

بعض آيات القرآن الكريم متشابهات, يعني تُفسر تفسيراً يليق بكمال الله عزّ وجل, ويمكن أن تُفسر تفسيراً سيئاًً ينم عن نقص معرفة بالله عزّ وجل, فربنا عزّ وجل هكذا حكمته أن ينّزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم كتاباً طبيعة صياغته تقتضي وجود العلماء المجتهدين، المستنبطين، المحققين، وهذا تكريم للإنسان, الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان وظيفة وهي استنباط الأحكام من النصوص, لذلك ظهر علم يسمى أصول الفقه, ظهرت القواعد الفقهية العامة، ظهرت المذاهب، ظهر العلماء المفسرون، ظهر علماء الحديث، ظهر علم الجرح والتعديل ظهرت علوم عظيمة بفضل طبيعة القرآن الكريم, هذه الصياغة المعجزة.
قد يسأل سائل: لو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك لنا تفسيراً لكتاب الله فقط خلصنا من كل خلاف من كل مشاحنة من كل تمزق, ومن قال لك يا أخي الكريم: إن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يترك لنا تفسيراً كاملاً لكتاب الله, إنّه الحديث الشريف, الأحاديث الشريفة ما هي في حقيقتها إلاّ فهم النبي عليه الصلاة والسلام من كتاب الله, لذلك المهمة الثانية اقتضت حكمة الله العظيمة أن يجعل النصوص التي يُنزلها للناس صفة الشمول والعموم والكليات فهي بحاجة إلى بيان وتوضيح, ولذلك جعل من وظائف الرسول أن يبين للناس معاني هذه النصوص المنزلة للناس ويوضّح لهم مدلولاتها وإشاراتها, ربنا عزّ وجل قال:
﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾

( سورة فاطر الآية: 37)
قال:
﴿وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ﴾

( سورة فاطر الآية: 37)

ما معنى هذه الكلمة يا رب؟ أين هو النذير؟ العلماء وقفوا عند هذه الآية, قال بعضهم النذير: هو القرآن الكريم, وقال بعضهم الآخر: النذير هو الرسول, وقال بعضهم الآخر: النذير هم العلماء من بعد الرسول, وقال بعضهم: النذير هو سن الأربعين قال الله:
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

( سورة الأحقاف الآية: 15)

وقال بعضهم: النذير موت الأقارب, كان جاراً لك, كان صديقاً لك, كان قريباً لك, كان معك في العمل, وقال بعضهم: الشيب من النذير
" عبدي شاب شعرك، وضعف بصرك، وأنحنى ظهرك، فاستحي مني فأنا أستحي منك "

( ورد في الأثر)

هكذا طبيعة كتاب الله، تحتمل التوجيهات العديدة, لذلك قال الإمام علي كرّم الله وجهه: " القرآن ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه ".
المهمة الثانية أن يبين النبي عليه الصلاة والسلام ما أنزل إليه من ربه, والدليل قوله تعالى في سورة النحل:

﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

(سورة النحل الآية: 44)
لتوضح، تبين قال الله:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

( سورة البقرة الآية: 183)

آية موجزة، فجاء النبي عليه الصلاة والسلام وفصّل في أحكام الصيام, سنّ لنا السحور، أمرنا أن نفطر بعد غروب الشمس مباشرة، أمرنا بأشياء كثيرة, فكل هذا الذي أمرنا به هو دقة فهمٍ من كتاب الله.

3- هداية أمته إلى خير ما يعلمه لهم وإنذارهم شر ما يعلمه لهم:

الوظيفة الثالثة: هداية أمته إلى خير ما يعلمه لهم, وإنذارهم شر ما يعلمه لهم, النبي عليه الصلاة والسلام بقربه من الله سبحانه وتعالى, بإقباله عليه، باتساع أفقه، بصحة رؤيته، بعمق فهمه، يعلم ما لا نعلم، ويرى ما لا نرى، ويدرك ما لا ندرك، ويشعر بما لا نشعر، لذلك فيما سوى تبيانه لنصوص القرآن الكريم، وفيما سوى تبليغه للحق والنصوص القرآنية التي أُنزلت على قلبه, مهمته الثالثة أن يرشدنا إلى ما ينفعنا وينهانا عن ما يضرنا.
فسنَّ لنا أشياء كثيرة في علاقاتنا, كيف نعامل زوجاتنا؟ كيف نعامل أخوتنا؟ كيف نعامل أبناءنا؟ كيف يجب أن نعدل بينهم؟ كيف نعامل من حولنا؟ كيف نبيع؟ كيف نشتري؟ قال عليه الصلاة والسلام:
"عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاء"

(أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر في صحيحه)
هذه فقرة من حديث طويل رواه مسلم عن عبد الله بن عمر.
إذن إبلاغ النصوص القرآنية التي أُنزلت من عند الله، إبلاغ المعاني التي أوحيّ إلى قلبه صلى الله عليه وسلم، بيان وتفصيل وتوضيح ما أنزل إليه من نصوص قطعية، هداية أمته إلى خير ما يعلمه لهم، وإنذارهم شر ما يعلمه لهم.


4- تربية الناس على منهج الشريعة الربانية وتأديبهم بآدابها:

المهمة الرابعة: تربية الناس على منهج الشريعة الربانية وتأديبهم بآدابها, هناك شرع وهناك منهج, ما الفرق بين الشرع والمنهج؟ أنا أقول للطلاب مثلاً: عليك أيها الطالب أن تحفظ مئة بيت من الشعر هذا هو المنهج، هذا هو الكتاب المقرر، يقول هذا الطالب: كيف أحفظها ؟ ما طريقة حفظها؟ أقول له: سجلها على دفتر صغير، واقرأ كل يوم خمسة أبيات، أعدها صباحاً ومساءً, ثم رددها، ثم اكتبها, ثم ذاكر بها أصدقاءك, عندئذٍ تحفظها, فأنا قد بينت له المقرر ودللته على المنهج.
فالنبي عليه الصلاة والسلام, النصوص القرآنية بلغها كما أنزلت، المعاني التي أوحيّ بها إلى قلبه بينّها كما أوحيّ إليه، فسّر كل النصوص التي أنزلت على قلبه, بيّن للناس ما يعلم أنه خير لهم, وأنذرهم ما هو شر لهم, بيّن لهم منهجهم, كيف يستقيم الرجل على أمر الله؟ كيف يرضى عنه ربه؟ قال:
" انظر لمن هو أدنى منك فذلك أحرى أن لا تحتقر نعمة الله عليك "

( ورد في الأثر )

بيتك فيه ثلاث غرف, يوجد بيوت غرفة واحدة, صحتك طيبة, في أناس مصابون بأمراض وبيلة، فانظر لمن هو أدنى منك, فذلك أحرى أن لا تحتقر نعمة الله عليك.

من آداب الشريعة الربانية:
1- الدعوة إلى الإصلاح يجب أن تكون مجردة عن الغرض الشخصي:
" درهم أُنفق في إخلاص خير من مئة ألف درهم أُنفق في رياء " علّمك الإخلاص في العمل "

قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ الليْثِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ "



(أخرجه البخاري عن عمر بن الخطاب في صحيحه )

لذلك: كان عليه الصلاة والسلام يعلّمنا الإخلاص والترفع عن الغرض الدنيوي:

﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً ﴾

(سورة الإنسان الآية: 9)



﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾

(سورة الأنعام الآية: 90)

علّم أصحابك, علّم المؤمنين أن يكونوا مخلصين, أن يترفعوا عن كل غرض دنيوي, أن يبتغوا بأعمالهم وجه الله سبحانه وتعالى, صلّ قيام الليل ففي صلاة قيام الليل تطمئن نفسك إلى أنك مخلص, لا أحد ينتبه إلى عبادتك إلا الذي تعبده قال الشاعر:
فـقم في الدجى لا تخش وحشة فالأنس في طيب ذكرنــــا
وعن ذكرنا لا يشغلنّك شاغــل وأخلص لنا تلق المسرة والهنا
وسلم إلينا الأمر في كل ما يكـن فما القرب والإبعاد إلا بأمرنـا
كن مع الله ترى الله معــــك واترك الكل وحاذر طمعـــك

2- علّمنا أن أساليب الشدة والعنف لا تجدي مع الناس:
" عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتِ اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ فَقُلْتُ بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ قُلْتُ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ "

(أخرجه البخاري عن عائشة في الصحيح )

" عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إلا شَانَهُ "

(أخرجه مسلم عن عائشة في الصحيح )

" علّموا ولا تعنّفوا فإن المعلم خير من المعنّف "

( ورد في الأثر )

سأوضح لكم هذا الحديث: الذي عنده ابن أو عنده طالب من السهل عليه إذا أخطأ ابنه أو طالبه أن يضربه ضرباً مبرحاً, فهذا الطالب بدافع الخوف من ألم العقوبة ينضبط, لهذا المعلم أجر, يأتي معلم آخر ينصح هذا الطالب، يبين له، يحاسبه مرات عديدة إلى أن يقنع الطالب بخطئه فيبتعد عنه, هذا يعطيه الله سبحانه وتعالى أجراً غير الأجر الذي يعطيه للمعنف، قال الله تعالى:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾

(سورة آل عمران الآية: 159)

أرسل عليه الصلاة والسلام خادماً في حاجة, يبدو أنه غاب كثيراً إلى أن غضب النبي عليه الصلاة والسلام, فلما جاء الخادم كان بيده سواك, فقال: والله لولا خشية العقاب لأوجعتك بهذا السواك، ما هذا السواك ؟ ماذا يفعل السواك؟ كن حليما, قال النبي عليه الصلاة والسلام:
" كاد الحليم أن يكون نبياً "

( ورد في الأثر )
قال تعالى:
﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾

( سورة النحل الآية: 125)

3- عدم محاباة أحدٍ في الصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
العلماء فرّقوا بين المداراة والمداهنة, المداراة أن تبذل الدنيا للدّين, لك جار داريته، أكرمته، عاونته إلى أن أحبك، فلما أحبك أتيت به إلى المسجد, متى تأتي به بعد أن يحبك؟ بعد أن تقدم له خدمات, بعد أن يشعر أنك تحرص على مصلحته, إذا شعر بهذا أحبك, لأن الله عزّ وجل يقول في الحديث القدسي:
" يا داوود ذكّر عبادي بإنعامي عليهم فإن النفوس جُبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها "

( حديث قدسي )

بينما المداهنة بذل الدين من أجل الدنيا, تترك الصلاة من أجل أن تُرضي أحداً في معصية الله, تتكلم خلاف قناعاتك, تتكلم خلاف ما يمليه عليك إيمانك إرضاء لزيد وعبيد هذه مداهنة.

4- القدوة الحسنة:
هي فقرة في المنهج الذي بينّه النبي عليه الصلاة والسلام, قال الله تعالى:
﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾

(سورة هود الآية: 88)

الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم, فالذي يحمل الناس على أن يستمعوا إليك صدقك في الدعوى, وأنك تفعل ما تقول, قال الله:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾

(سورة الصف الآية: 2)

" عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْتَ فُلانًا فَكَلَّمْتَهُ قَالَ إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ أَيْ فُلانُ مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ "

(أخرجه البخاري عن أبي وائل في الصحيح)

أنت تُعامل الله عزّ وجل مطلّع على قلبك، اتخذت الدين حرفة؟ اتخذت الدين مطية للدنيا؟ أجعلت الدين في الوحول, من أجل شهواتك؟ أتريد الدنيا؟ اطلبها من مظانّها, اطلبها من التجارة, اطلبها من أيّ شيء إلا من الدين, دع الدين في صفائه، دعهُ في عليائه، دعه في طهره، دعه في سموه, ولا تجعله مطية للدنيا, فالنبي عليه الصلاة والسلام ما الذي جعل أتباعه اليوم يزيدون عن ألف مليون؟ لأنه كان قدوة حسنة، كان أباً و زوجاً, وصديقاً, وأخاً, ومرشداً, وقائداً, وعطوفاً, ومحبا, ً والله سبحانه وتعالى يقول:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾

(سورة الأحزاب الآية: 21)

5- الشهادة على الأمة بأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة:
أنت إذا زرت النبي عليه الصلاة والسلام من الدعاء المأثور أن تقف أمام باب حجرته الشريفة, وأن تقول: يا سيدي يا رسول الله: أشهد أنك بلّغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمّة، ومحوت الظلمة، وجاهدت في الله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد، ربنا سبحانه وتعالى يقول:
﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾

(سورة النحل الآية: 89)

النبي عليه الصلاة والسلام يشهد علينا أنه بلّغنا, لكن الله عزّ وجل رفع من قيمة أمته إلى درجة أنهم أيضاً شهداء على الناس قال تعالى:
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾

(سورة البقرة الآية: 143)

خلاصة الدرس:
وظائف النبي بإيجاز شديد: تبليغ الشريعة الربانية للناس نصوصاً قرآنية، ومعاني أوحي بها إلى قلبه الشريف, والمهمة الثانية تبين معاني ما أنزل إليه من نصوص, وهداية أمته إلى كل خير يعلمه أنه خير لهم، وإنذارهم من كل شر يعلمه أنه شر لهم، وتربية الناس على منهج الشريعة الربانية وتأديبهم بآدابها، من فقرات منهج الشريعة: الدعوة إلى الإصلاح من دون غرض دنيوي, والموعظة الحسنة في الدعوة إلى سبيل الله, عدم محاباة الناس في الدين, القدوة الحسنة, الشهادة على الأمة بأنه بلّغ إليهم الرسالة, وأدى الأمانة, وقدّم واجب النصيحة, هذه بعض وظائف النبي عليه الصلاة والسلام.
سوف نتحدث في درس قادم عن الفرق بين النبوة والعبقرية, والفرق بين رسالات السماء وفلسفات أهل الأرض, وبذلك نكون قد تابعنا الحديث عن الإيمان بالرسل, وهو من العقائد التي يجب أن تُعلم بالضرورة.
والحمد لله رب العالمين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://resalahmasriyah.mam9.com
 
الإيمان بالأنبياء والرسل ، وبما أنزل عليهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
رسالة مصرية ثقافية :: ديني :: العقيدة الإسلامية-
انتقل الى: