رسالة مصرية ثقافية
مرحبا بك أخي الزائر نشكر زيارتك ونتمني انضمامك للمنتدي
زيارتك تسر إدارة المنتدي ومشاركتكك تسعدنا وتساهم معنا بارتفاع الثقافة العامة
بعض المنتديات الفرعية والموضوعات
لا يمكنك الإطلاع عليها إلا بعد التسجيل كعضو في المنتدي
رسالة مصرية ثقافية
مرحبا بك أخي الزائر نشكر زيارتك ونتمني انضمامك للمنتدي
زيارتك تسر إدارة المنتدي ومشاركتكك تسعدنا وتساهم معنا بارتفاع الثقافة العامة
بعض المنتديات الفرعية والموضوعات
لا يمكنك الإطلاع عليها إلا بعد التسجيل كعضو في المنتدي
رسالة مصرية ثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسالة مصرية ثقافية

ثقافية - علمية - دينية - تربوية
 
الرئيسيةرسالة مصريةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عزير .. عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مصراوي
عضو فعال
عضو فعال
مصراوي


عدد المساهمات : 762
تاريخ التسجيل : 28/08/2010
العمر : 45

عزير .. عليه السلام  Empty
مُساهمةموضوع: عزير .. عليه السلام    عزير .. عليه السلام  Emptyالأحد 26 يونيو 2011 - 20:31

أحمد بهجت
عُزَير .. عليه السلام

كان اليوم حارا.. أحس فيه كل شيء بالعطش..
وكانت القرية التي يعيش فيها "عزير" تمضي يوما هادئا من أيام الصيف الذي تقل فيه الحركة.. وفكر "عزير" أن حديقته تحتاج إلى الري.. كانت الحديقة بعيدة، والطريق إليها شاقا، تتوسطه مقبرة كانت قبل ذلك مدينة عامرة بسكانها، ثم امتدت إليها يد الموت فذهب ضجيج الحياة وبقى صمت القبور.
وخرج العبد الحكيم الصالح أحد أنبياء بني إسرائيل من قريته، والشمس في أول النهار.. ركب حماره وبدأ رحلته..
ظل يسير حتى وصل إلى الحديقة.. اكتشف أن أشجارها عطشى، وأرضها مشققة وجافة.. سقى الحديقة. قطف من حقل التين بعض ثمار التين، وأخذ من تكعيبة العنب بعض العنب ثمار التين، وأخذ من تكعيبة العنب بعض العنب، ووضع التين في سلة، والعنب في سلة، وانصرف عائدا من الحديقة.
راح الحمار يسير في الحر وهو يحمل "عزيرا" وكان "عزير" يفكر أثناء سيره في مهامه التي عليه أن يؤديها غدا. كان أول هذه الواجبات هو إخراج التوراة من مخبئها ووضعها في المعبد.. وتذكر كيف هجم الأعداء على القرية، وجاء خبر هجومهم فأسرعوا يخفون التوراة ويخبئونها، حتى لا يعثر عليها الأعداء ويحرقوها.. فكر أن عليه أن يحمل طعام الأبقار إليها، وفكر في ابنه الطفل وتذكر ابتسامته الحلوة حين يراه. وراح يسرع في سيره ويستحث الحمار حتى قطع نصف الطريق، ووصل إلى المقبرة.. كانت الحرارة قد اشتدت لدرجة كبيرة، وكان الحمار قد تعب من السير، وراح جسده المغطى بالعرق يلمع تحت أشعة الشمس، فيبدو الحمار كما لو كان خارجا من النهر..
وتباطأ الحمار في سيره حين وصل إلى المقابر.. وقال "عزير" لنفسه: أهبط قليلا لأستريح وأريح الحمار وأتناول طعام الغداء..
وطاف "العزير" ببصره حوله، وراح يتأمل المنظر..
كل شيء صامت وميت وخراب..
البيوت تهدمت معظم جدرانها، وبقيت أعمدة هناك تتهيأ للسقوط..
الأشجار القليلة في المنطقة صفراء يقتلها العطش..
عظام الموتى الباقية ممن دفنوا هناك تحولت إلى ما يشبه التراب..
والصمت يعشش في المكان، وينشر أجنحته الساكنة على الأرض..
وأحس "عزير" بقسوة الموت وثقل الخراب.. فتساءل داخل نفسه:
_ (أنَّى يُحيي هذه اللهُ بعد موتها)؟!
تساءل: كيف يحيى الله هذه العظام بعد موتها، وتحولها إلى ما يشبه التراب؟! لم يكن "عزير" يشك في أن الله سيحيي هذه العظام، إنما قالها تعجبا ودهشة.. ولم يكد "عزير" يقول كلماته حتى مات..
وظل الحمار ممدداً في مكانه حتى غربت الشمس وجاء الصباح.. وحاول الحمار أن ينهض وينصرف، ولكنه كان مقيدا.. وظل في مكانه لا يستطيع التخلص من قيده حتى مات من الجوع.. وتمدد الحمار على الأرض جوار صاحبه.
واستبطأ أهل القرية "عزيرا".. خرجوا يبحثون عنه..
ذهبوا إلى حديقته فلم يجدوه هناك. عادوا إلى القرية فلم يعثروا له على أثر، وقرروا تكوين جماعات للبحث عنه، وراحت هذه الجماعات تبحث في كل اتجاه فلم تجد "عزيرا" ولم تجد حماره.. وكانت هذه الجماعات تمر على المقابر التي مات فيها "عزير" فلا تتوقف عندها. إن كل شيء صامت هنا وميت، ولو كان "عزير" موجودا لسمعوا صوته. ثم إن هذه المقابر المهدمة تخيفهم، ولهذا لم يبحثوا فيها بجدية. ومرت أيام وأيام، ويئس الناس من عودة "عزير". وتأكد أبناؤه أنهم لن يروه مرة ثانية، وعرفت زوجته أنها ستحرم من رعايته لأبنائه وحبه لها، وجلست تبكيه طويلا. غير أن الزمن بطبيعته يجفف الدموع كما يخفف الألم، ومسح الناس دموعهم، وبدءوا ينسون عزيرا وينشغلون في مشاكل الحياة اليومية.
ومرت السنوات، نسى الناس "عزيرا" ما عدا أصغر أبنائه وامرأة كانت تعمل شغالة في بيتهم، كان "عزير" يعطف عليها، وكان عمرها عشرين عاما حين خرج "عزير" من القرية.
ومرت عشر سنوات، وعشرون سنة، ثمانون سنة، تسعون سنة، حتى انتهى قرن بأكمله.. مرت مائة عام.
وشاء الله تعالى أن يستيقظ "عزير".
أرسل الله إليه ملكا أضاء النور في قلبه، ليرى كيف يبعث الله الموتى.
كان "عزير" ميتا منذ مائة عام.. وبرغم ذلك، فها هو ذا يتحول من التراب إلى العظام إلى اللحم، إلى الجلد، ثم يبعث الله فيه الحياة بالأمر فينهض جالسا في مكانه.
جلس "عزير" في مكانه. فرك عينيه، استيقظ من موت استمر مائة عام.. تحول ببصره حوله فرأى المقابر حوله، وتذكر أنه نام.. آه.. كان عائدا من حديقته إلى القرية فنام في المقابر.. نعم.. هذا ما حدث تماما .. كانت الشمس تتهيأ للغروب، وكان قد نام في الظهيرة.
قال لنفسه:
_ لقد نمت طويلا، ربما من الظهيرة إلى المغرب.
سأله الملك الذي أمره الله بإيقاظه:
_ (كم لبثت)؟
إن الملك يسأله كم ساعة نام، وأجابه: (لبثت يوما أو بعض يوم).
قال له الملك الكريم:
(بل لبثت مائة عام)..
أنت نائم منذ مائة سنة.. ميت منذ مائة عام.. أماتك الله وبعثك لتعرف الجواب عن سؤالك حين تعجبت ودهشت من بعث الموتى.
أحس "عزير" بالدهشة تنسحب من نفسه، ويحل بدلها إيمان عميق بقدرة الخالق.
قال الملك وهو يشير إلى طعام "عزير":
_ (فانظر إلى طعامك وشرابك) لم يتغير..
نظر "عزير" إلى التين، فوجده كما هو.. لم يتغير لونه ولا طعمه ولم يفسد. لقد مرت عليه مائة سنة، فكيف بقى الطعام على حاله؟! ونظر "عزير" إلى الصحن الذي عصر فيه العنب ووضع فيه الخبز الجاف، فوجده في حاله الذي تركه عليه.. كما هو.. ما زال شراب العنب صالحا للشرب، وما زال الخبز ينتظر أن يفقد قسوته وجفافه وهو مغموس في عصير العنب.
وامتلأ "عزير" بالدهشة.. كيف تمر مائة سنة على عصير العنب ويظل على حاله بغير تغير.. بينما هو يتغير بعد ساعات ويفسد.. وكأنما أحس الملك أن "عزيرا" لم يصدق ما قاله.. ولهذا أشار الملك إلى الحمار.. قال "لعزير":
_ (وانظر إلىحمارك).
ونظر "عزير" إلى حماره، فلم يجد غير تراب عظام حماره.
قال له الملاك: هل تريد أن ترى كيف يحيى الله الموتى..؟! انظر إلى الأرض .. إلى التراب الذي كان قبل ذلك حمارك..
نادى الملك _بإذن الله _ عظام الحمار، فأجابت ذرات وراحت تتجمع وتتسابق من كل ناحية حتى تكونت العظام.. أمر الملاك العروق، والأعصاب، واللحم، أن تتكون.. وراح اللحم يكسو عظام الحمار "وعزير" ينظر..
انتهى تكوين اللحم فنبت فوقه الجلد والشعر، وعاد الحمار كما كان لحظة الموت.. جسدا بغير روح.. وأمر الملاك _بإذن الله _ روح الحمار أن تعود إليه، فعادت إليه، ونهض الحمار واقفا، رفع ذيله وبدأ ينهق. كان الحمار ميتا من الجوع هذه المرة..
قال "عزير" بعد أن رأى المعجزة تقع أمامه:
_ (أعلم أن الله على كل شيء قدير).
نهض "عزير" وركب حماره، وانصرف عائدا إلى قريته. كان الله سبحانه وتعالى قد شاء أن يجعل عزيرا آية للناس، ومعجزة حية على صدق البعث وقيامة الأموات.
دخل "عزير" قريته ساعة الغروب.. أدهشه التغير الذي وقع في القرية.. تغيرت البيوت والشوارع، والناس، والوجوه والأطفال.. لا يعرف أحدا هنا ولا يعرفه أحد.
خرج "عزير" من القرية وعمره أربعون سنة، ويعود إليها وعمره أربعون سنة. عاد إليها كما خرج..
بعثه الله من موته كما كان عند موته، شابا في الأربعين، لكن قريته عاشت مائة عام، فتهدمت البيوت وتغيرت الشوارع والوجوه.
قال "عزير" لنفسه: أبحث عن رجل عجوز أو امرأة عجوز تذكرني.
ظل يبحث حتى عثر على خادمته التي تركها في العشرين من عمرها.. كان عمرها الآن 120 سنة، تهدمت قواها وسقطت أسنانها، وراح بصرها، وكانت تشبه مجموعة من العظام المكسوة بالجلد.
سألها "عزير":
_ أيتها العجوز الطيبة.. أين منزل عزير؟
بكت المرأة وقالت: لم يعد أحد يذكره.. خرج منذ مائة عام فلم يعد.. فليرحمه الله..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عزير .. عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
رسالة مصرية ثقافية :: المنتدي الثقافي :: مقالات وأدبيات-
انتقل الى: